رواية شد عصب الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سعاد محمد سلامه

 

رواية شد عصب الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سعاد محمد سلامه

رواية شد عصب الفصل الاول والثاني والثالث والرابع والخامس بقلم سعاد محمد سلامه

الأولى «الوعد المحتوم» 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمنتصف ليالى الخريف


بـ إحدى قُرى التابعه لـ الاقصر 

تُدعى قرية "الأشرف" 

فى حوالى الثانيه صباحً


منزل  عريق واجهته شبه آثريه  بطراز عتيق لكن رغم مرور ما يقارب على أكثر من  خمس سبعون عام على بناؤه،لكن مازال بحاله جيده جدًا حتى  من الداخل يُشبه غُرف القصور الفخمه القديمه لكن حدث عليه بعض التعديلات الحديثه العصريه أصبحت الفخامه تمتزج بالعصريه 


بإحدى الغرف

رغم شعورهُ بالإرهاق بسبب العمل طوال اليوم ومحاولته النوم أكثر من مره.... لكن حين يُغمض عينيه يسمع بأذنيه طنين  صوت تلك المرأه التى قابلها اليوم بـ معبد الأقصر 

تذكر  حين مرت جواره وهمست له بإسم سمعه بوضوح

[فلاشـــــــــــــ/باك]

قبل غروب الشمس 

كان يسير بين أروقة المعبد بصُحبة أحد العملاء الروسيين هو وزوجته وشقيقتها بجوله سياحيه مجامله منه لهم ،يشرح لهم بعض المعلومات الذى يعرفها عن المعبد ويرد على أسئلتهم حسب معرفته، لاحظ إنبهارهم بذالك المعبد، يتجاذب الحديث عن أنهم سيأتون مره أخرى بميعاد لاحق للسياحه فقط يستمتعون  برؤية تلك الحضاره التى سبقت التاريخ 

"فحقًا مصر خُلقت أولًا ثم آتى التاريخ يرسم ويكتب بين طياته عن تلك الحضاره" 

أثناء سيره معهم صدح رنين هاتفه، إعتذر منهم وتجنب قليلًا عنهم، يرد على من يهاتفه الى أن إنتهى الإتصال أغلق الهاتف ونظر أمامه الى مكان سير الثلاث وسار نحوهم لكن كاد يصطدم بإمرأه ترتدى زيًا أسود تقليدى قديم (الملس) كان جزء من وشاح رأسها يُغطي جزء كبير من وجهها  بسبب الرياح عينيها مرسومه بكُحل أسود فرعونى .... تجنبها قليلًا، لكن هى إقتربت منه قائله:

جاويد يا ولِد الأشرف.

آن آوان اللُجى(اللقاء).. العشج بينادم على صاحبة النصيب

"سلوان"العشج المكتوب عليك لوعته... الجريبه(القريبه) البعيده 


فى البدايه ظن أن تلك المرأه ربما تعرفه حين ذكرت إسمه وكاد يتجاهلها،لكن  إسم"سلوان" ترك رنين خاص وعلق بأذنيه،لكن بنفس اللحظه نادى عليه ذالك الضيف إنتبه يُشير له أنه آتي، للحظه واحده أحاد بصره عن تلك المرأه، أختفت من المكان، تلفت يمين ويسار أمام وخلف بكل إتجاه فى المعبد لكن كآنها تبخرت إندهش كثيرًا ولكن حاول  نفض ذالك عن رأسه  حين أقترب منه العميل، وبدأ يتسأل بعض الأسئله عن المعبد ووروعة هندسة المكان. 


[عوده] 

زفر نفسه يحاول التغلُب على حالة السُهد تلك يريد أن يفصل عقله وينام، تلك المرأه بالتأكيد  كانت وهمًا، بنفس اللحظه يتراجع عقله 

بلا لم تكن وهم ولما ذكرت ذالك الأسم الغريب أمامه

نهض من على الفراش يستهزئ بحاله قائلًا:. 

واضح إن عقلك جن يا جاويد من أمتى بتصدق فى الخُرافات، الست دى أكيد بتشتغل فى الشعوذه حابه تلفت عقلك.

بنفس اللحظه نظر الى صدره وذالك الخيط السميك المُتدلى من خلف عنقه على صدره ينتهى بحِجاب مثلثي صغير ملفوف بقطعة قماش زرقاء،أحيانًا يأخذه الفضول ويود تقطيع ذالك الحجاب الموصول بالخيط الذى رغم مرور سنوات لم يهترئ الخيط، ود معرفة ماذا يحتوى بداخل تلك القماشه الملفوفه ،لكن ككل مره  يتراجع دون سبب،ذالك الحجاب يلازمه منذ أن كان عمره الحاديه عشر ،شعر بأن كثرة التفكير بذالك الأسم تُرهق عقله،إرتدى قميص فوق سرواله،وخرج من الغرفه 

لكن  دون آنتباه منه تصادم مع جواد أخيه بممر صغير أمام السلم الداخلي للسرايا  مازحه قائلًا:


مش تفتح عنيك يا أخ  وإنت ماشى خلعت كتفي ولا هما الغلابه اللى زيي لاجين أكتافهم.


ضحك جاويد قائلًا:

  راضي ذمتك،فى دكتور فى مصر غلبان.


ضحك جواد قائلًا:

آه أمثالى  الدكاتره اللى واخدين الطب رساله ساميه زيي.


ضحك جاويد بإستهزاء قائلًا:

رساله ساميه،عالعموم متآسف.


مزح جواد قائلًا:

أصرفها منين متآسف دى،بعد ما إتسببت إن الكاتشاب اللى كان فى السندوتش بجع الجميص، أمك لما تاخد الجميص فى الغسيل وتشوف البُجعة  هتدينى درس إن الأكل الچاهز ده فيه سُمٌ قاتل، وتجولي ظبطك بالچرم المشهود.


ضحك جاويد بتفكير قائلًا:

جولها دى بُجعة دم،او مكركروم أو أى مُطهر طبي إنت مش دكتور هى هتصدجك.


زفر جواد نفسه قائلًا:

هى لو أُم تانيه غير الحجه يُسريه ممكن تصدج،لكن الحجه يُسريه تختلف هتشم البُجعه،بس سيبك من البُجعه أنا هخفى الجميص،بس إنت هتدفع تمن جميص چديد ماركه كده زى الجُمصان بتوعك،طبعًا رُجل أعمال وعندك كذا مصنع خزف وفُخار غير البازارات اللى فى الأقصر وأسوان ،بتتعامل بالعملات الصعبه.


ضحك جاويد قائلًا:

ما يحسد المال الأ صحابه،وأيه منعك مش إنت اللى إختارت الطب من الاول،وجولت مش هاوي شُغل الفخار والخزف...مع إنك كنت بتعرف تشكل الفخار كويس. 


تنهد جواد متحسرًا بمزح:

ما إنت عارف إنى  كنت بجعد إچباري چار جدك "زاهر"الله يرحمه لما كان يغصب علينا ويجول شُغل الفخار وراثه من چدكم الاشرف الكبير  ولازمن تتعلموه ،بس مكنتش هاوي الشُغل ده،لا أنا ولا حتى زاهر واد عمك صالح،بس كنا بنخاف من كرباچ جدك يعلم على چتتنا،يلا الله يرحمه.


آمن جاويد على قول جواد:

جدك زاهر فعلاً  كان جلبهُ جاسي.


تنهد جواد قائلًا:

إنت ورثت منيه صنعة الفُخار،بس بعترف عندك ذكاء أكتر منيه،أو يمكن دراستك ساعدتك على مواكبة التطور الزمني ،وأنشأت مصانع فُخار وخزف،بس تعرف  أحسن حاجه حصلت بعد موت جدك ه‍ى إن عمك"صالح"قسم كل شئ وأخد نصيبه وساب لينا الدار دى وبنى لنفسه بيت مودرن وأخد زاهر إبنه الغبي معاه...تعرف كان نفسي كمان عمتك صفيه تاخد ميراثيها فى الدار ونرتاح من سماجتها.


توقف جواد عن الحديث فجأه ثم غمز عينيه بمكر يعلم رد جاويد حين يقول:

ولا بلاش عمتك تتخلى عن نصيبها فى الدار أهو ينفع بتها مُستجبلًا،لما تبقى مرت جاويد الأشرف.


لكز جاويد كتف جواد بقوه قائلًا:.

ده شئ مستحيل يحصل،" مِسك" بالنسبه ليا زى"حفصه" أختي.


ضحك جواد بإستفزاز قائلًا:

المثل بيجول'ان حبتك حيه إتلفع بيها'.


تنهد جاويد بسآم  قائلًا:   

عندى أتلفع بحيه ولا إنى إتچوز من مِسك بت عمتك صفيه،وبعدين فضنا من السيره دى دلوك،إنت مش راچع من المستشفى تعبان.


زفر جواد نفسه بإرهاق قائلًا:

مش تعبان،هلكان،مدير المستشفى ما صدج طلع معاش وجال يا فكيك،وأنا اللى ماسك إدارة المستشفى بالإنابه على ما وزارة الصحه تفتكر تبعت لينا مدير چديد.


ضحك جاويد وهو يضع كف يده على كتف جواد بمؤازره مازحً قائلًا:

مش الطب رساله ساميه،إتحمل عشان خاطر ساميه ترضى عنك،يلا هسيبك تروح تنام.


تبسم جواد قائلًا:

والله ساميه طلعت متعبه جوى جوي،بس إنت أيه اللى مسهرك لحد دلوك،وكنت رايح فين؟


تنهد جاويد قائلًا:

مش جايلى نوم، وكنت طالع الاوضه اللى عالسطح،أشغل نفسى شويه يمكن النوم يچي.


غمز جواد بعينيه مازحًا بإستخبار:

وأيه اللى مطير النوم من عنيك،لتكون عاشج يا ولِد الأشرف. 


لكزه بقوه بكتفه قائلًا:

روح نام شكلك هيست من كُتر السهر،يلا تصبح على خير ومتنساش تاخد ساميه فى حضنك.  


ضحك جواد قائلًا:

تمام إعملى ماج جديد أشرب فيه النسكافيه فى المستشفى  الماج الجديم كسرته وراء المدير وهو طالع من المستشفى. 


ضحك جاويد قائلًا: 

من أعمالكم سُلط عليكم، 

كسرت وراء المدير الماج وأهو إنت اللى إتورطت مكانه بالإنابه.


ضحك جواد وهو يتثائب قائلًا: 

فعلاً  ... يلا تصبح على خير. 


صعد جاويد الى سطح المنزل 

فتح باب تلك الغرفه الكبيره التى تُعتبر مخدع ثاني له،بها فراش وأريكه كبيره،كذالك جزء من الغرفه يضع به طاوله عليها  (دوامه،ميزان صغير،وعاء بلاستيكى به ماء، قطع إسفنج، وصلصال) كذالك أدوات  تستخدم فى صقل الفخار  تساعد فى تشكيل الفُخار 

ذهب مباشرةً الى تلك الطاوله وجلس خلفها وبدأ يقوم بصناعة إحدى الأشكال لكن رغم ذالك مازال طنين إسم "سلوان" وحديث تلك المرأه يُشغل رأسه. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ....... 

بنفس الوقت، بالقاهره

بـ حي سكني فاخر

شقه فارهه

مازالت مُستيقظه تشعر بالضجر، نهضت من فوق فراشها وزفرت نفسها بسأم قائله:

مش عارفه ليه النوم طاير من عيني،وعندى إحساس كده فى قلبي مش عارفه له تفسير،يعنى هي أول مره أسافر لوحدي.


زفرت نفسها تجاوب:

يمكن عشان أول مره أسافر من غير ما أقول لـ بابا،بس أنا لو قولت له هيفكر آنى مضايقه عشان هو إتجوز.


نفخت أوداجها بضيق قائله:

بس أنا فعلًا مضايقه إن هو إتجوز،وإشمعنا الست "دولت"بالذات طبعًا عشان صاحبة عمتو"شاديه"

عشان تضمن إنها متتحرمش من مرتب كل أول شهر اللى بابا بيبعته ليها،بس ها دولت متأكده إنها من نفس نوعية عمتو والاتنين هيظهروا حقيقتهم الإتنين طماعين،وبعدين أنا مالي دى حياة بابا وهو حُر فيها،أما أروح المطبخ أجيب لى كوباية لبن أشربها يمكن بعدها أحس بهدوء وأنام.


أشعلت ضوء المطبخ وآتت بعبوة حليب وسكبت القليل منها وقامت بتدفئته على الموقد ثم سكبته بكوب وحملته وأطفأت الضوء مره أخرى لتعود لغرفتها،لكن أثناء سيرها سمعت ضحكة زوجة أبيها العاليه والتى تُشبه ضحكة الغواني،كذالك سمعت صوت والداها يقول لها بتحذير:

وطي صوت ضحكتك شويه يا دولت متنسيش إن سلوان أوضتها قريبه من الأوضه.


ردت زوجة والداها عليه بمياعه:

وفيها لما أضحك يعنى،هو عيب وبعدين بنتك مش صغيره دى اللى فى سنها أتجوزوا ومعاهم بدل العيل إتنين،بس هى اللى مغروره بجمالها ورافعه راسها،أخويا قبل كده طلبها للجواز وهى رفضت ويحق لها طبعًا ما أنت مدلعها عالآخر وده غلط عليها يا هاشم فى النهايه هى بنت ولازم تفوق لنفسها قبل الغرور ما يسرق عمرها.


زفر هاشم نفسه قائلًا:

سلوان حُره فى حياتها أنا طول عمري سايب ليها حرية الإختيار،وياريت تتعاملي معاها بطريقه كويسه لآن معنديش شئ فى حياتى أغلى من 

سلوان.


تضايقت زوجته وتعلثمت قائله بخداع:.

أنا مكنش قصدي سوء لـ سلوان أنا...


قاطعها هاشم قائلًا بتحذير:

أنا بحذرك يا دولت سلوان اغلى من حياتي.


سارت سلوان وهى تشعر بإنشراح،لكن همست بعد أن سمعت ضحكة ماجنه مره أخرى قائله:

طبعًا حاميه ومصدقتى لقيتي اللى يبرد حمو جسمك.


عادت سلوان لغرفتها وضعت كوب اللبن على طاولة جوار الفراش قائله:

أما أتأكد تانى إنى حطيت  بطاقتي الشخصيه وكمان الكريديت وكمان تذكرة فى شنطة إيدي.


فتحت الحقيبه وتأكدت من وجود البطاقتين،أغلقت الحقيبه ووضعتها بمكانها،ثم تمددت فوق الفراش ومدت يدها أخذت كوب اللبن وبدأت تحتسيه،الى ان إنتهى تثائيت قائله:

كويس آنى حجزت فى القطر لـ الاقصر احسن من الطيران، أنا مش بحب السفر طيران من أصله بسبب سرعته بحس كآنى فى مكانى مش بتنقل لمكان  تاني، وأكيد فى القطر هلاقى ناس أتكلم معاهم. 


تثائبت ثم تمددت على الفراش تُغمض عينيها تحلم بتلك الرحله التى كانت تُخطط لها منذ زمن وكانت كلما تنتوي القيام بها تتراجع  بآخر لحظه لكن هذه المره آن الآوان، لن تتراجع عن تلك الرحله المؤجله. 

........ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالأقصر

بمنزل مجاور لـ منزل الأشرف، يُضاهيه فى كبر الحجم والفخامه لكن بطراز عصري حديث 

بأحد الغرف

بآخر الليل

طفل إستيقظ من النوم فزعًا على صوت صراخ أمه، نهض من على فراشه سريعًا وذهب لغرفتها كالعاده كان سبب صريخها والده الذى يصفعها بقوه إقترب الطفل من والده يحاول أن يسحب  أمه من بين يدي  والده، لكن والده قام بدفعه بقوه الصقه بالحائط، وذهب نحوه ينهره قائلًا: 

بجيت راچل وبدافع عن أمك يا حيلتها، چاي وعاوز تُضربنى، لكن لاه دا أنا ادفنك إنت وهى فى جبر(قبر) واحد. 


قال هذا وكاد يصفع الطفل، لكن منعته زوجته وهى تنظر له قائله:. إدلى على مجعدك يا "زاهر" 

بوك دلوك هيهدى. 


هز الطفل رأسه بـ لا وكاد يتحدث لكن تهجم عليه والده قائلًا:

غور على مجعدك داهيه تاخدك إنت وأمك.


بضعف نهض الطفل مره أخرى وخرج من الغرفه،لكن إستدار مره أخرى حين سمع صوت صفع باب الغرفه ثم عاود والده التهجم على والداته بالسباب النابي بابشع الألفاظ والضرب المُبرح قائلًا:.

بتربي ولدي على إنه يكرهني،لكن ده بُعدك عاد إنت وهو ملكوش عيندي ديه.


قال هذا وقام بضربها،فى نفس اللحظه فتح زاهر الغرفه،ليرى والده يلكم والداته لكمات قويه على وجهها وبطنها،ويحاول خنقها ثم قام بدفع جسدها بقوه فوق الفراش ليهمد جسدها ولا يتحرك ليس هذا فقط بل  دماء تسيل منها بغزاره بسرعه كان تحول الفراش الى لون دمائها.


بنفس اللحظه آتى جد ذالك الطفل ودخل الى الغرفه،ذُهل حين وقع بصره على تلك الممده على الفراش الدموي،إنصعق قائلاً:

جتلت مرتك يا صالح!.


نظر لها صالح بإمتعاض قائلًا:

تغور فى داهيه.


نظر له والده قائلًا بتعسف:

إنت اللى هتروح فى داهيه،دى شكلها ماتت ألف مره جولت لك بطل ضرب فى مرتك...لكن.


بصق صالح جانبًا يقول:

هى اللى عتعصبني بحديتها وسؤالها الماسخ رايح فين دلوك،كآنى ههچ منيها،أنا من الاول مكنتش رايد أتزوچ بها بس هى حبلت فى زاهر واد الحرام.


زفر والده بغضب قائلًا:

زاهر مش واد حرام،وإدلى دلوك إخرچ من الدار لحد ما أشوف حل للمصيبه اللى عملتها دى.


خرج صالخ من المنزل دون تآنيب ضمير،وبعد وقت دخل طبيب الى الغرفه،رأى ذالك الفراش الدموي وكذالك أثار الصفعات على وجه تلك الممده، لم يُعاينها طبيًا ورفع فوق وجهها دثار قائلًا: 

البقاء لله. 


تنهد الجد قائلًا: 

عاوز تصريح بالدفن. 


كاد الطبيب أن يعترض ويقول أن الميته قُتلت، لكن نظرة الجد القاسيه كفيله بزج الرعب فى قلب الطبيب الذى دون سبب الوفاه"نزيف إجهاض أدى الى الوفاه". 


يوم واحد عزاء والليله الثانيه كانت زوجه أخرى تدخل الى غرفة والداته. 


إستيقظ من النوم مفزوع ليس بسبب تلك الذكرى التى تسيطر عليه دائمًا يراها وهو نائم،لكن بسبب صوت صفع أبواب المنزل،يعلم جيدًا من السبب فى ذالك،إنه والده الذى يكرهه ويتمنى يومًا أن يصحوا من النوم على خبر موته،لكن هو ككل ليله عاد بعد ان قضى وقت برفقة الغواني الذى يذهب لهن لا يكفيه الحرام الذى يرتكبه،نهض من فوق الفراش وخرج من غرفته وقف بالاعلى ينظر الى والده الذى دخل للمنزل وأشعل الضوء يسير بترنُح مخمور كعادته،ذهب نحو غرفته يصفع بابها لكن سقط أرضًا قبل ان يدخل للغرفه،رأهُ ولم يرآف به بل لم يرف له جفن،لا يشعر بشئ نحوه سوى البُغض،يعلم انه بالنهايه والده و وواجب عليه بِره لكن هو لا يستحق البِر هو يستحق الجفاء الذى زرعه من البدايه ،  تجاهله وعاود الذهاب نحو غرفته،بداخله كم تمنى بهذه اللحظه أن  يظل نائم هكذا أرضًا ولا يصحو أبدًا. 

      ..... ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شبرا الخيمه 

قبل آذان الفجر

بمنزل متوسط بأحد القُرى 

دخلت الى الغرفه وجدت والداتها تسجُد أرضًا وترفع يديها بالدعاء والتضرع باكيه الى الله ان يحفظ إبنتها ويوفقها بالطريق التى ستذهب إليه.


تدمعت عينيها قائله بعتاب:

برضوا بتعيطى يا ماما.


نهض من فوق سجادة الصلاه وتوجهت نحوها قائله:

ومش عاوزاني اعيط يا إيلاف وإنت مسافره لآخر الدنيا.


تنهدت إيلاف قائله ببسمه تحاول رسمها تغلب بها ضعفها: 

هى الأقصر بقت آخر الدنيا، دى بينها وبين القاهره ساعة زمن بالطياره. 


بكت والداتها قائله بلوم:

كان لازم تقدمى تظلم، يمكن كانوا اخدوا بيه فى وزارة الصحه وبدل ما يبقى تكليفك فى الاقصر كان ممكن يبقى فى اى مكان قريب مننا حتى لو وحده صحيه ريفيه... فى إسكندريه ولا القاهره مش فى الأقصر آخر الصعيد.


تبسمت إيلاف قائله:

مالها الاقصر،طب ياريت كان الحظ إبتسم لى وجالى التكليف فى مستشفى "مجدي يعقوب" فى أسوان...كانت تبقى فرصة عمري،بس مش مهم الاقصر قريبه من المستشفى دى ويمكن تكون الاقصر فرصه توصلنى لأسوان.


تنهدت والداتها ببكاء قائله:

إ ليه أنا حاسه إنك مبسوطه ويمكن  إنتِ اللى  أختارتي مكان التكليف بتاعك يبقى بعيد كده.


تعلثمت إيلاف قائله:

لأ طبعًا يا ماما،وبعدين لو كان بمزاجي كنت هختار الأقصر برضوا،والأقصر مش بعيده زى ما إنت متخيله،ساعه بالطياره زى ما قولت لك...وكفايه بقى عياط مش عاوزه اسافر وانتِ حزينه كده،المفروض تدعيلى،كمان خلاص لازم أمشى الطياره الساعه خمسه الفجر ولازم أكون فى المطار قبلها بساعه عالاقل،إدعيلي يا ماما.


بكت والداتها وهى أيضًا

حين إنحنت على يدها تُقبلها،ثم رفعتها وقامت بضمها بقوه تدعى لها بالخير والستر،هى على يقين ان إيلاف تريد البُعد عن هنا وعن أى مكان قريب،وربما هى من إختارت الأقصر عنوه منها كى تبتعد وتذهب بل تهرب الى مكان تعتقد أن لا أحد سيعرف أنها إبنة " اللص القاتل".   

..... ـــــــــــــــــــــــــــــ

صباحً

منزل القدوسي

بغرفة مؤنس

فتح إحدى ضُلف الغرفه وأخرج ألبوم صور قديم 

ثم جلس على أحد المقاعد وفتحه  يُقلب بين صفخاته بإشتياق الى أن توقف عند تلك الصوره 

صوره ودمعه، لم تكن أغنيه بل كانت شعور مُضني فى القلب لذكرى صاحبة تلك البسمه،كانت جميله بوجه ملائكي،من يراها يُعطي لها عمرًا أكبر من ثمانية عشر عام عمرها وقت إلتقطت تلك الصوره

جمالها كان لها لعنه،كانت عيون وقلوب الرجال تتهافت عليها وهى لا تُعطى لهم إهتمام،لكن العصفوره الجميله فجأه وقعت بيد صياد ربما لم يكن مخادع لكن هى بسببه إختارت الطيران بعيد عن السِرب وعن حضن والداها،كان الإختيار عليها سهلًا،"لن أتزوج الأ من أحببت حتى لو كان الثمن قتلي يا والدي" وقد كان بداية الجفاء.

........ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بغرفة مِسك

إستيقظت على صوت منبه هاتفها

تمطئت بيديها تحاول نفض النوم الذى مازال يسيطر عليها،ثم مدت يدها لطاوله جوار الفراشه وجلبت ذالك الهاتف أغلقت صوت التنبيه ثم فتحت ملف خاص  بالصور وآتت بإحدى الصور وقبلت الهاتف ثم قالت بشوق: 

صباح الخير  يا جاويد  يا حبيبي. 


ظلت تنظر للصوره بشوق ثم قالت بتمنى: 

أمتى أصحى من النوم والأجي جاويد نايم چاري، يارب إسمع دعايا وقرب البعيد. 


بنفس اللحظه فتحت  والداتها باب الغرفه  وتبسمت حين راتها مستيقظه قائله: 

صباح الشهد على أحلى الصبايا، يلا جومي فوجى كده عشان تفطري جبل ما تروحى  للمدرسه، وبلاش تتأخري النهارده. 


إبتسمت مِسك قائله بسؤال: 

وفى أيه النهارده  بجى عشان مش عاوزانى اتأخر فى المدرسه. 


إبتسمت صفيه قائله: 

معزومين عالعشا عند خالك صلاح، وكنت بفكر  نروح عينديهم من العصريه تُجعدي شويه مع "حفصه " تحاولى  تليني راسها من ناحية أخوكِ، سايجه الدلال عليه. 


إبتسمت مِسك  قائله: 

حاضر يا ماما، متخافيش  حفصه بتسمع كلامى ناسيه إنى صاحبتها  الوحيده  وانا اللى لمحت ليها إن أخوي هيحبها لحد ما هى كُمان حبته ووافجت على الخطوبه منيه،رغم إن مرات خالى"يُسريه"

مكانتش موافجه،بس رضخت لما حفصه وافقجت.


تنهدت صفيه وزمت شفتيها قائله:

يُسريه طول عمرها شديده ومستجويه،بالك يمكن هى اللى مجسيه جلب جاويد.


تنهدت مِسك بشوق  وتمني قائله:

لاء مش هى يا ماما مرات خالى نفسها تجوزه، بس جاويد هو اللى زي چدى زاهر الله يرحمه جلبه جاسي بتمنى  بس لو يفتح لى جلبه.


إبتسمت صفيه  قائله  بتأكيد: 

لاه إطمنى خلاص جاويد  مش بس هيفتحلك جلبه، لاه، ده هيبجى من حظك ونصيبك بس إنت زى ما جولتلك، دايمًا تهاودي چاويد فى اى حديت يتحدت بيه، ومتأكده بعد ما أحط الحچاب ده تحت فرشتة جاويد هيبجى كيف العاشج الولهان ليكِ... وكيف  ما جالتلى العرافه هيجولك، سيري أما أنظرلك،ويغلبك بالمال تغلبية بخلف الصبيان.


نظرت مِسك الى ذالك الحجاب بيد والداتها قائله بإستفسار:

ميتى ده يحصل يا ماما،انا بجى عندي شك بالوليه المشعوذه اللى بتروحى ليها مفيش عمل جبل إكده رفق معاها،زى ما يكون جاويد مُحصن نفسيه.


ردت صفيه بتأكيد:

لاه المره دى العمل هيچيب نتيجة ومش بعيد جبل ما نعاود من العشا يكون جاويد طالبك بلسانه للجواز...بس جولى يارب،ده عمل بالمحبه.

......ــــــــــــــــــــــــــــ

بمكتب بأحد مصانع الخزف،

شعر جاويد بالسأم فجأه من العمل،أغلق ذالك الحاسوب،وإتكئ بظهره على المقعد،نظر نحو شباك المكتب،ظهر قُرص الشمس وهى تستعد للغروب  تذكر ان ذالك نفس موعد أمس الذى إلتقى فيه مع تلك المرأه بالمعبد،

تهكم على نفسه قائلًا:

كلمتين من دجاله خلوك مش عارف تنام ولا تركز. 


زفر نفسه يذم ذالك الشعور، لكن فجأه نهض من فوق مقعده مُتذكرًا موعده مع أحد العملاء، خرج من المكتب وذهب الى مكان ركن سيارته، صعد إليها كى يتوجه  الى مكان لقاؤه بذالك العميل، لكن أثناء سيرهُ بالطريق كان قريب من ذالك المعبد، توقف قليلًا يُفكر وهو ينظر لساعة يده، وجد انه مازال بعض الوقت على موعد العميل، نظر نحو طريق المعبد يشعر بحِيره فى عقله هنالك شئ يجذبه للذهاب الى المعبد، إستسلم لذالك الهاجس وبالفعل 

دخل الى المعبد ظنًا منه أن هذا ليس أكثر  من فضول منه لرؤية تلك المرأه  وسؤالها لماذا قالت له ذالك الإسم بالأمس. 

بعد قليل

كان يسير بين أروقة المعبد عيناه تبحث بكل إتجاه وزاويه، لم يجد ما يبحث  عنها، لكن بلحظه سمع صوت من خلفه يقول: 

اللى عتدور عليه جدامك يا وِلد الأشرف. 


نظر خلفه لذالك الصوت  بدهشه هو بالكاد أدار ظهره متى جلست تلك المرأه جوار أحد أعمدة المعبد، لكن

تحدثت تلك المرأه: 

چاي تسألني عنها. 


نفض تلك الدهشه عن رأسه وأقترب من مكان جلوسها أرضًا جاثيًا على ساقيه قائلًا بإستفسار: 

مين اللى جولتى لى إسمها إمبارح؟ 


ردت المرأه: كنت متوكده إنك هترچع لإهنه من تانى تسألنى عنها، بس كل اللى أعرفه إسمها

"سلوان" وهى دلوك بالطريج، اللُجى(اللقاء) الليله تحت الجمر الأحدب،ودى لعنه تانيه. 


همس الأسم يشعر بنغمه خاصه له بين لسانه ورنين خاص بآذنيه"سلوان". 

لكن نظر للمرأه  وكاد يتسأل لكن هى سبقته قائله: العين  عليها  مرصوده  يا وِلد الأشرف 

إنت الحارس الحامى ليها، بس حاذر لوعة العشج، لعنة العشج لساتها مستمره، يا تنتهى بـ دم واحد من الأحبه، يا يظهر الغريج(الغريق) ويبيح بمين اللى خلع جلبه من بين ضلوعه وهو حي. 


كاد جاويد أن يتستفسر منها عن قصدها، لكن قاطعته المرأه قبل أن يسأل قائله بحسم: 

الليله تحت الجمر هيكون بداية الوعد المحتوم.  


#الثانيه«حين يشاء يكون اللقاء» 

#شد_عصب 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبل وقت، بنفس اليوم 

بمشفى حكومي بالأقصر 

أثناء دخولها ذهبت الى مكان الإستقبال بالمشفى للإستفسار، لكن 

قبل أن تستفسر على ما تريد، دخل رجُل يستنجد وهو  يسند رجُل آخر ينزف من ذراعه بغزاره رغم وجود وشاح رجالى (شال) ابيض إحمر لونه من غزارة الدماء  حول يده لكن مازال الدم ينزف، بحُكم مهنتها توجهت الى ذالك الرجُل وفكت ذالك الوشاح ونظرت ليد الجريح،شعرت بآلم كآن هذا الجرح بجسدها،لكن قالت:

الجرح اللى معصم أيد الحج كبير ولازم يتخيط مش اقل من خمستاشر غرزه.


رد الموظف الذى يقف فى الأستقبال قائلًا:

بس الدكتور جواد مش فى المستشفى جدامه نص ساعه ويوصل هو مواعيده مظبوطه  ومفيش ولا دكتور هنا،إدلى ياعم أى مستشفى خاصه أو مستوصف،او حتى عيادة دكتور.


لم تستغرب إيلاف رد موظف الاستقبال لكن تنهدت بيأس قائله: والراجل المُصاب ده هيستنى على ما الدكتور يوصل، 

أنا دكتوره منتدبه لتأدية التكليف هنا،وأقدر أخيط للحج إيده بس قولى مكان أوضة الإسعافات الاوليه اللى هنا فى المستشفى.


شعر موظف الأستقبال بالحرج قائلًا:.

آسف يا دكتوره،إتفضلي إمعاي.


لفت إيلاف يد الجريح بالوشاح مره أخرى قائله:

تمام إتفضل يا عم الحج،متخافش أنا صحيح لسه متخرجه من كلية الطب بس والله عندى خبره أعرف أخيط جروح.


رغم شعور الآلم لديه،لكن تبسم لها قائلًا:

الخبره مش بالسِن يا بتي،ربنا يزيدك عِلم.


إبتسمت له،دخلت الى غرفة الاسعاف بالمشفى لكن قال موظف الأستقبال من فضلك يا دكتوره إكتبي للأخ المرافج للچريح على المستلزمات اللى هتجتاجيها عشان يروح صيدلة المستشفى يچيبها.


إبتسمت إيلاف بتفاجؤ قائله:

غريبه أنا قولت هتقوله يشتري المستلزمات من أى صيدليه بره المستشفى،والله كويس أن المستشفى فيها صيدليه فيها علاج.


رد الموظف:

لاه إحنا حدانا إهنه بالمستشفى صيدله فيها أوديه البركه فى الدكتور "جواد"هو المسؤول المباشر عن الصيدليه وموفر العلاچ،بس إحنا حدانا نجص فى الدكاتره كلهم ما بيصدجوا يشتغلوا فى مستشفيات الحكومه اللى فى الآرياف عشان يدخلوا ويطلعوا براحتهم من غير ظبط ولا ربط عشان مواعيد عياداتهم الخاصه،حتى المستشفى دى رغم إنها فى البندر بس بالنهايه برضك مستشفى حكومي يا دكتوره وإنتِ عارفه بجى الرزج يحب الخِفيه.


تعشمنت إيلاف صامته بينما قال الجريح:

الرزج على حساب الغلابه،هى دى رسالة الطب دلوك..بس واضح إن الدكتوره فى جلبها رحمه.


إبتسمت له قائله:

أنا من الناس الغلابه يا عم الحج،عالعموم أنا كتبت المستلزمات أهى خدها وروح هاتها بسرعه لأن الحج نزف دم كتير وده مش كويس على صحته.


بعد قليل

نزعت إيلاف ذالك الوشاح من على يد الجريح ونظرت ليده بإستغراب قائله:

إنت إيدك كانت محروقه قبل كده.


رد الجريح:

أيوه،كنت بشتغل فى مصنع لحرق الطوب وإيدي إتحرجت(اتحرقت) وأنا بدخل الطوب فى الفرن عشان يتحرج، نصيب عمك"بليغ" دايمًا كده منصاب.


إبتسمت له قائله:

وأيه سبب الإصابه الكبيره دى بقى يا عم بليغ.


إبتسم بغصه قائلًا:

أنا رئيس عُمال فى مصنع الأشرف بتاع الخزف ومخدتش بالى وأنا بمُر عالعمال وجعت فازه كبيره من واحد من العمال وإتكسرت وأنا إتحزلجت  على يدي...الحمد لله ربنا لطف وإنصابت إصابه خفيفه بمعصم يدي.


إبتسمت له إيلاف بإستغراب قائله:

إيدك عالأقل هتاخد خمستاشر غرزه وبتقول إصابة خفيفه.


تنهد بليغ قائلًا:

يا بتي جرح البدن سهل يداوى،لكن جرح كسرة النفِس مالوش داوه.


أمائت له رأسها بتوافق فهى أكثر من يعرف وجع جرح كسرة النِفس الذى لا دواء له.


بعد قليل إنتهت من تقطيب جرح بليغ وقامت بوضع ضماد طبي عليه مازحه:

الحج اللى كان معاك طلع جبان ومستحملش يشوفنى وأنا بخيط إيدك وطلع لبره الاوضه.


إبتسم بليغ قائلًا:

هو رشاد إكده،يخاف من منظر الدم والمستشفيات أنا لو مش غالي عليه مكنش وجف چاري من الأول...بتشكرك يا دكتوره على معروفك إمعاي.


إبتسمت له قائله:

ده مش معروف يا عم بليغ دى واجبي اللى أقسمت عليه إنى أداوي حتى عدوي طالما محتاج لمساعدتي.


إبتسم لها بتقدير قائلًا:

ربنا يحفظك ويحميك يا بتي ويزيدك عِلم.


إبتسمت له بتآمين قائله:

يارب، إشرب عصاير كتير عشان تعوض نزف الدم، انا هكتبلك على مضاد حيوي وشوية أدويه وبلاش الميه تمس الجرح. 


قالت هذا ثم إبتسمت مازحه: 

إلحق إصرف العلاج من صيدلية المستشفى. 


ضحك بليغ قائلًا: 

بجولك أنا رئيس عُمال، وجاويد بيه لو عرف إني جيت لمستشفى حكومي هيلوم عليا، خلي علاج الحكومه لناس تانيه تحتاج له أكتر مني يا بتي،بس عشم مني أنا هاجي عشان إنتِ اللى تغيرلي عالچرح إهنه،بصراحه يدك خفيفه ومحستش بأى آلم.


كلمة "يدك خفيفه"

طنت برأسها تُذكرها بتهجُم  إحداهن عليها يومًا ما ونعتتها بالكذب 

" لِصه وإيدك خفيفه زى باباكِ اللِص القاتل".


تبدل حالها وعبست للحظات ثم قالت:

متنساش تاخد المضاد الحيوي،هيسكن الآلم بعد ما مفعول البنج يروح،ومره تانيه حمدلله على سلامتك.


قالت هذا وإبتعدت قليلًا وخلعت فقازي يديها وألقتهم بسلة المهملات ثم خرجت من الغرفه  .. 

إستغرب بليغ ذالك، لكن وظن أنه ربما تجاوز معها بالحديث ندم على ذالك، وكاد يذهب خلفها مُعتذرًا ربما أخذه العشم الزائد، لكن حين خرج من الغرفه وجد صديقه  رشاد يقترب منه قائلًا: أنا اتصلت على

جاويد بيه  ولما عرف باللى حصل و إننا إهنا فى المستشفى  دى زعجلي وجالى ليه منروحناش مستشفى خاصه، حتى جالي إنك تتصل عليه وإنك  فى  أجازه والبضاعه اللى چايه من أسوان الليله هو هيستلمها مكانك ويدخلها للمخازن.


تنهد بليغ قائلًا بلوم:

وليه بتتصل عليه،ده جرح بيدي مش مستاهل عالعموم أنا هتصل على جاويد بيه تانى وأجول له آني زين وأنا اللى هستلم البضاعه الليله.


نظر له رشاد بلوم قائلًا:

إنت مش شايف وشك ولا يدك اللى مبطلتش نزف لأكتر من ساعه،وبعدين دى فرصه إستغلها شويه وتعالى أمعاي أسهرك سهره تنسيك وچع الدنيا بحالها.


تنهد بليغ يهز رأسه بآسف قائلًا:

سهره عند الغوازي يا رشاد مش هتبطل الداء ده بجى بيتك وولادك أولى باللى عتصرفه عند الغوازى وتكسب بيه كُمان سيئات "من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته"، خاف على بِتك وأهل بيتك... وبَعِد من خلجتى مشوفتش الدكتوره راحت في أي إتچاه. 


رر رشاد بنزك: 

الدكتوره  إدلت ناحية الأستجبال. 


تنهد بليغ وترك رشاد مُتجهًا ناحية الاستقبال، لكن حين وصل لم يجد إيلاف، كاد يسأل موظف الإستقبال لكن آجل ذالك للـ الغد بالتأكيد سيآتى لتغير ضماد جرحه ويسأل عليها ويعتذر إن كان أخطأ دون إنتباه منه.

***

بينما حين خرجت إيلاف من الغرفه توجهت ناحية الإستقبال وسألت الموظف عن غرفة مدير المشفى،ودلها عليها قائلًا:

أوضة المدير آخر الممر ده على يدك اليمين.

توجهت الى حيث ارشدها الموظف  

فتحت باب  الغرفه بعد أن سمعت السماح لها بالدخول، لكن توقفت خلف باب الغرفه بخطوه تشعر بالحرج قائله بإعتذار: 

متآسفه واضح إنى غلطت فى الاوضه،أنا فكرت دى اوضة مدير المستشفى.  


نهض من خلف المكتب مُبتسمًا يقول: 

لاء، حضرتك مغلطيش فى الأوضه، دى فعلًا أوضة مدير المستشفى، وللآسف المدير  ما صدق جاب سن المعاش وسلم كل مسؤلياته حتى قبل ما وزارة الصحه تبعت مدير جديد للمستشفى وللآسف إضطريت أنا أبقى المدير بالإنابه لحد ما المدير الجديد يوصل بالسلامه.


إزدردت ريقها بهدوء قائله:

يعنى أنا جايه اقضى مدة التكليف فى  مستشفى مفيهاش دكاتره ولا مدير كمان.


ضحك جواد قائلًا بآسف:

بس فيها مرضى مش قادرين على مصاريف العلاج حالتهم الماديه متسمحش  يتعالجوا فى المستشفيات الخاصه...بس حضرتك متعرفناش،أنا الدكتور "جواد صلاح" هو المفروض تخصُصي

جراحة قلب وأوعيه دمويه،بس انا بشتغل هنا فى المستشفى تخصُص عام حتى أحيانًا أطفال.


إبتسمت إيلاف دون رد.


بسمتها لفتت نظر جواد الى ذالك الحزن الذى يسكُن ملامحها رغم إبتسامها...لكن تنحنح قائلًا:

أنا عرفتك على نفسى وحضرتك...


ردت إيلاف وهى تمد يدها بملف ورقي قائله:

أنا الدكتوره "إيلاف التقى" وده الملف الخاص بتاعى وفيه جواب التكليف بتاعى فى المستشفى هنا.


إبتسم جواد  وأخذ من يدها الملف بفضول وبدأ بقرائته بتآني صامتًا لدقيقه،شعرت إيلاف للحظات بالتوجس من صمته وهو يقرأ إسمها: 

إيلاف حامد التقي. 


شعرت برعشه بداخلها من نُطقهُ إسمها دخل إليها شك إن  كان يعلم أنها إبنة ذالك اللص القاتل،فوالداها كان حديث الإعلام فى إحدى الفترات..لكن بداخلها حسمت جوابها لو سألها ستقول تشابه أسماء،لكن خاب ظنها حين قال جواد:

إسم إيلاف ده غريب،تقريبًا أول مره أسمع عنه.


إبتسمت  إيلاف قائله: 

"إيلاف"

مش أسم غريب هو إسم من القرآن الكريم ومعناه من التآلف. 


نظر لها مُبتسمًا لا يعلم ذالك الشعور الذى دخل  الى قلبه مباشرةً فعلًا شعر إتجاهها بالتآلف، مد يده لها بالمصافحه قائلًا:. 

أهلًا بيكِ فى يا دكتوره إيلاف ينتظرك عمل شاق 

بـ الأقصر بلدنا. 

... ـــــــــــــــــــــ

دار صالح الأشرف. 

بين العصر والمغرب 

للتو إستقيظ من النوم يشعر بصُداع برأسه، نهض من على الفراش بكسل يضع يدهُ على بطنه قائلًا: 

حاسس بچوع 

أما أجوم أتسبح (إستحمى) بشوية ميه فاتره عشان أفوج وبعدها أبجى أكُل .


بعد قليل خرج من الغرفه توجه نحو المطبخ،رأى إحدى النساء عمرها يتخطى الأربعون كاتت تقف ظهرها له،نظر لجسدها يزدرد ريقهُ بإشتهاء  

رغم أنها سيده بدينه لحدٍ ما تسحب بهدوء وكاد يمد يدهُ على مكان حساس بجسدها لكن تراجع حين سمع صوت يتحدث بتعسف: 

سيده خلصتي الوكل اللى طلبته منيكِ. 


إنخضت الخادمه وإستدارت لتفاجئ بـ صالح  خلفها زادت خضتها، تستعيذ بالله. 


تهكم صالح  قائلًا:. 

بتستعيذي بالله فى وشى أيه شوفتى شيطان  ، فين الوكل يا وليه المغرب جرب يأذن ولسه وكل الغدا مش چاهز، بجيتي تجيله جوى شوفى بنته خفيفه تشتغل إمعاكِ بالدار. 


إستهزئ زاهر قائلًا بتلميح: 

كلامك صحيح، بس ياريت تعمل إنت بيه أولًا وتعيش زى اللى فى سِنك. 


نظر صالح له بإستهجان قائلًا بإستهزاء:

واللى فى سِني عايشين كيف يا زينة الشباب.


تجاهل زاهر الرد عليه ونظر للخادمه قائلًا:

جهزي الوكل فى السفره.


قال زاهر هذا للخادمه ثم نظر لـ صالح قائلًا:

هتفضل واجف فى المطبخ إكده كتير يااا... بوي.


تنهد صالح بسأم وضيق قائلًا:

لاه هدلى عالسفره،وإنتِ يا وليه خفي لحمك إشوي وجهزي الوكل.


بعد دقائق بغرفة السفره كان لا يسمع سوى صوت إرتطام الملاعق بالأطباق الى أن صدح رنين هاتف...

أخرج زاهر الهاتف من جيبه وقام بالرد على المتصل الى أن أنهى الإتصال قائلًا:

معارفيش مشكلة الأرض دي،هجول لعمي صلاح وهو اللى يتصرف بجى.


أغلق زاهر الهاتف ووضعه على طاوله السفره،بينما تسال صالح بفضول:

أرض أيه اللى كنت هتحدت عليها عالموبايل.


تنهد زاهر بسأم:

دي أرض الچميزه،المستأجر اللى كان مأجرها عاوز يسيبها.


تسأل صالح:

ليه،دي أرض عفيه وجريبه من مية النيل بينها وبين النيل مشايه صغيره.


رد زاهر:

معرفش ده تالت مستأجر يأجر الارض وجبل السنه يجول إنه هيسيبها،ولما سألت المستأجر الاخير جالي،إن على راس الأرض جراطين (قيراطتين) أو تلاته إكده الارض بتهور والأرض بتهبط لتحت وتسحب الميه عن بجية الارض وتبخس محصول الزرعه،بيجول أنا بجول يمكن السبب  فى ده چدر شجرة الجميز يمكن مخوخ وهو السبب إن الارض بتهور.


تهكم صالح قائلًا:

ماشاء الله مهندز وفاهم،چدر شجرة الجميز  هيبجى على تلات جراريط.


فهم زاهر أن صالح يستهزي به فرد بلا وعي:

خبرنى چنابك أنت يمكن اللى فاهم وعارف سبب إن الارض بتهور وتهبط لتحت،هيكون تحتها كنز إياك.


رنت كلمة كنز برأس طامع وفكر لما لا ربما هذا تفسير صحيح،فتلك الأرض قريبه من النيل،ربما ترقد على كنز آن الآوان أن يحصل عليه.   

...... ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالعوده للـ المعبد

ذُهل جاويد قائلًا: 

جصدك أيه بالحديت اللى عتقوليه. 


ردت المرأه: 

كل سر وله آوان مكتوب يظهر فيه يا ولِد الأشرف،إنت مكتوب عليك عشج متمرده،هتطل ونچمه بتسكن مدار الجمر فى السما وباجي النجوم هتتواري فى الغيوم وجتها... فيها علامه مميزه. 


كاد جاويد أن يتسأل لكن صدح رنين هاتفه بنفس اللحظه. 


همست المراه بوصف سمعه  جاويد بوضوح ثم قالت له رد على الجدر اللى عينادم على صاحبه. 


إستغرب جاويد  ذالك وأخرج الهاتف ونهض واقفًا يرد على المتصل الى أن أنهى أتصاله آمرًا: 

لاه إستريح إنت وأنا اللى هروح أستلم البضاعه من محطة الجطر(القطر) مش مُعضله هي،ومره تانيه سلامتك.


أغلق جاويد الهاتف وعاود النظر خلفه لكن ذُهل حين لم يرى المرأه بالمكان كأنها إختفت كما حدث بالأمس. 

....... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين المغرب والعشاء


بــ الحديقه التى بين منزلي 

صالح وصلاح الأشرف 

كانتا مِسك وحفصه تجلسان على أورجوحه يتحدثان،كانت مِسك تحاول إقناع حفصه بما أمرتها به والداتها صباحً،أن تحاول إقناع حفصه بالموافقه على عقد قرانها على أخيها أملًا منهن أن تكون تلك فرصه تُقرب زواج جاويد من مِسك.


بسهوله أقنعت مِسك حفصه ووافقت،تنهدت مِسك بينما إقترب من مكان جلوسهن زاهر مازحً:

طول عمري أعرف إن الكُره الأرضيه فيها جمر (قمر)

واحد بس الليله أنا أتأكدت إن ده كذب جدامى جمرتين.


إبتسمت حفصه له قائله بسذاجه:

وفين الجمرتين دول، السما فيها جمر واحد حتى أحدب مش كامل.


تمركزت عين زاهر على مِسك قائلًا: 

إنتِ ومِسك الجمرين. 


شعرت مِسك بالبُغض من نظرات زاهر لها، بينما إبتسمت حفصه قائله بمدح فى مِسك:

مِسك چميله وأجمل من الجمر كُمان لكن آنى على قد حالى،بس هصدجك،تعالى إجعد إمعانا نتسامر شوي، وإحكى لينا قصص من اللى بتسمعها فى الموالد... أنا بحب  القصص دى جوى جوي. 


تهكمت مِسك قائله: 

دى قصص سخيفه واللى يصدجها هما السُذج. 


كادت حفصه ان تعترض لكن سمعت نداء والداتها عليها فنهضت قائله:. هروح أشوف ماما عاوزانى ليه وهرچع تانى بسرعه. 


نهضت حفصه وتركت مِسك، تجرأ زاهر وجلس جواراها على الاورجوحه، حتى أنه ضرب قدمه بقوه فى الارض فأهتزت الاروجوحه قويًا، مما سبب إستهجان مِسك وكادت تنهض من جواره لكن أمسك زاهر معصم يدها قائلًا: 

القصص اللى بستهزئ منها دي، قصص ناس فهمت معنى الحب والعشج ومعاشتش فى وهم إن مفيش غير البطل بس هو اللى فارس وحارب عشان يظفر بحبيبته كمان كان فى أبطال تانين فهموا الحجيجه وسابوا وهم هما بس اللى عايشين فيه. 


نفضت مِسك  يد زاهر عن معصمها بقوه وإستهجان قائله:

سبج وحذرتك تمسك يدي، 

وجولت لك إنى ماليش فى القصص السخيفه دى ومش فاهمه جصدك أيه  من وراء كلامك البايخ ده. 


إضجع زاهر بظهره على الأورجوحه ونظر الى السماء قائلًا: 

فى نجمه واحده هى اللى هتسكن مدار الجمر وباجي النچوم هتتواري خلف الغيوم جدامها. 


رفعت مِسك  رأسها بتلقائيه تنظر للسماء حدث بالفعل ما قاله زاهر، تهكمت بإستهزاء عليه قائله: 

كان حجك(حقك) تشتغل مشعوذ ولا مع اللى بيقروا الفلك الطالع. 


غص قلب زاهر مُجاوبًا: 

ده مش شعوذه ولا ولا له علاقه بقرايه الفلك والطالع ده الحجيجه اللى عتنكريها يا مِسك، جاويد لو كان رايدك كان إتكلم من زمان بس إنت عتعيشي وحدك فى وهم الطفوله. 


نهضت مِسك بغضب قائله بتعسف بلا إحساس: 

سبج وجولت لك إنسى اللى براسك يا زاهر، أنا مستحيل أحبك، وقصص المچانين اللى عتسمعها فى الموالد دى خُرافيه صعب تحجج. 


قالت مِسك  هذا وغادرت المكان، شعر زاهر بحريق فى صدره، لو ترك العنان لخروج ذالك الحريق لكانت مِسك هو أول من طالتها تلك النيران وما تركتها سوا رمادًا،ربما يصير مثل قصة العنقاء التى تُولد جديدًا من الرماد ربما بالولاده الثانيه كانت وقعت بعشقه. 

......***

بداخل منزل صلاح 

إنتهزت صفيه إنشغال زوجة أخيها بتحضير العشاء وتسحبت دون أن يراها أحدًا الى أن وصلت أمام غرفة جاويد وقفت تتلفت بكل  إتجاه تتأكد بعدم رؤية أحد لها، ثم فتحت باب الغرفه بهدوء وسريعًا دخلت وأغلقت خلفها باب الغرفه وقفت تلتقط نفسها،لكن للحظه شعرت بأختناق بسيط غريب بعد أن سمعت صوت مذياع بالغرفه يقرأ "القرآن الكريم" 

لكن تحاملت وتجاهلت ذالك بصعوبه وذهبت الى غايتها، فراش جاويد رفعت تلك الوسائد ثم ازالت فرش الفراش وأخرجت سكين صغير وقامت بشق جزء جانبي صغير من مرتبة الفراش وسحبت من بين طيات تلك المرتبه  ذالك الحجاب الذى كان بصدرها، حتى وصل  بالمكان التى قالت لها عليه المشعوزه، أسفل رأس جاويد... ثم أخرجت إبره وخيط وحاكت مكان ذالك القطع الجانبي عادت المرتبه مثلما كانت،لكن بسبب تسرعها سقطت منها الابره الموصوله ببقايا الخيط، إنحنت تبحث عن الابره لكن سمعت صوت نحنحه رجاليه من خارج الغرفه فارتعبت وذهبت خلف باب الغرفه سريعًا تنتظر تتمني أن لا يكون جاويد ويفتح باب الغرفه ويسألها لما هى بغرفته،...بالفعل أنقذها القدر بعد أن ظلت لدقائق خلف باب الغرفه حتى شعرت بالامان،ثم فتحت باب الغرفه بمواربه ونظرت للخارج،تنهدت حين رأت الطريق خالي،خرجت سريعًا تلتقط أنفاسها الى أن دخلت الى غرفة السفره وقع بصرها على مِسك التى كانت تجلس على أحد مقاعد السفره،غمزت لها،إبتسمت مِسك لها بتفهم.


بينما تحدث صلاح قائلًا: 

كنتِ فين يا صفيه بسأل عليك يُسريه جالت لى إنها كانت مشغوله فى تحضير العشا. 


جلست صفيه على احد المقاعد  قائله: 

كنت فى الحمام، معرفش بجالى كام  يوم بطني بتوجعني. 


رد صلاح قائلًا: 

سلامتك، إكشفي، أجولك إعملى كيف ما عمل جواد مع يُسريه هى كمان جعدت فتره بطنها  توچعها، لحد ما جواد  أخدها معاه للمستشفى  وعمل لها فحوصات كامله وأها إتحسنت بعدها.


ردت صفيه:

لاه مالوش لزوم،ده برد فى معدتي وأخدت تحويجه من عند العطار،وأها الحمد لله بجيت زينه كتير،بس جالى أمشى عالوكل المسلوج لفتره... وبعدين فين جاويد بجالى أكتر من سبوع مشفتوش ولا جال ليا عمه اسال عنيها. 


تنهد صلاح قائلًا: 

جاويد مشغول جوي الايام دى عنده طلبيه كبيره  هيصدرها لـ روسيا، إدعي له ربنا يوفجه. 


دعت صفيه قائله: 

بدعى له دايمًا فى كل صلاه وأنا ساجده، ربنا يوفجه ويوسع  رزجه، ويرزجه ببت الحلال  اللى تعمر دار الأشرف. 


آمن صلاح  على دُعائها غير منتبه لـ فحوى التلميح  بحديثها وهى تنظر ناحية مِسك بينما يُسريه فهمتها

 جيدًا، لكن بداخلها شعرت بالتوجس حين تذكرت لقائها مع "وصيفه" صباحً. 

[فلاشـــــــــــــــــــــ/باك] 

فى الصباح  الباكر بالكاد كانت تشرق الشمس. 

نزلت يُسريه الى مياه  النيل عبر بعض سلالم جيريه صغيره، وبدأت بملأ تلك الزجاجه البلاستيكيه المتوسطة الحجم، لكن فجأه ظهر إنعكاس إمرأه بمياه النيل،فى البدايه إنخضت يُسريه وتركت الزجاجه تسير بمياه النيل لكن قبل ان تبتعد عنها جذبتها مره أخرى،بينما تحدثت المرأه قائله:

لساكِ عتفتكري الماضي يا يُسريه.


تنهدت يسريه بآسى قائله:

جولي لى طريجه أنساه بها يا "وصيفه"عشان جلبي يخف من الآلم.


ردت وصيفه:

لو كنت أعرف طريجه كنت عالچت بها نفسي من سنين يا يسريه.


قالت وصيفه هذا ونظرت الى السماء ترى إنسحاب القمر وسطوع الشمس قائله:

مِسك مش من نصيب جاويد،نصيبه جاي فى الطريج،بس لعنة العشج تحرج(تحرق)جلبهُ.


نهضت يسريه تشعر بآسى قائله بإستفسار:

وجاويد ذنبه أيه.


ردت وصيفه:

دى لعنة الجد ولازمن توصل للنسل التالت...

مكتوب "أخوة الدم والروح" الأخ يفدي أخوه. 


إنصرعت يسريه بتسرُع سائله: 

جصدك مين باللى هيفدي أخوه 

"جواد ولا جاويد"!؟. 


سارت وصيفه بعيدًا عن يُسريه تُتمتم ببعض الكلمات لم تفهم منها يسريه غير"الدم هو اللى هيفك اللعنه"، ثم تمتمت ببعض الكلمات لم تفهمها يسريه، شعرت بتوجس للحظات لكن رأت إنعكاس شروق الشمس تلمع فوق مياه النيل، شعرت بأمل تدعى بالنجاه. 


[عوده] 

عادت يسريه من تلك الذكرى  على قول صفيه: 

بص بجى يا صلاح، بجى حفصه فى آخر سنه فى الچامعه وانا بجول كفايه  إكده فترة الخطوبه طولت، ومش هيجري حاچه لو كملت حفصه باجي السنه اللى باجيه ليها فى داري،أنا بجول نكتب كتاب حفصه  على آخر الشهر ده ونتمم الچواز فى أجازة نص السنه. 


كادت يسريه أن تعترض لكن وافق صلاح قائلًا: 

أنا موافج لو حفصه موافجه هى صاحبة  الرأي. 


نظرت يسريه نحو حفصه تنتظر منها الرد بالرفض لكن إنصهر وجه حفصه  وظلت صامته، مما جعل صفيه تنتهز الفرصه قائله: 

أها بيحولوا السُكات علامة الرضا، أنا بحول على بركة الله،ويمكن ربنا يزود أفراحنا ونفرح بـ جاويد و جواد.


تنهد صلاح ببسمه قائلًا:آمين.


بينما سخرت يسريه بداخلها تفهم قصد صفيه،لكن صمتت تدعوا لولديها  أن يخلف قول" وصيفه" لها صباحً.  

........, ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمنتصف الليل 

أمام الباب الخارجي  لمحطة قطار الأقصر 

توقف جاويد بسيارته 

للحظه تذكر حديث تلك المرأه  التى كانت بالمعبد تهكم على نفسه قائلًا: 

بجينا نص الليل واللى جالت عليها الست دي مظهرتش، مين اللى هتكون لحد دلوك بالطريج، عقلك جن يا جاويد من أمتى بتصدق فى الخزعبلات دي. 


زفر جاويد نفسه يذم عقله الذى صدق تلك التخاريف، لكن رأى إنعكاس القمر فوق زجاج سيارته الامامي، ترجل من السياره ونظر الى السماء، كما قالت تلك المرأه

نجمه وحيده بمدار القمر وباقى السماء غيوم، فعلاً يرى هذا بوضوح.... لكن سُرعان ما تهكم على نفسه لائمًا تصديقه لخُرافات لا وجود  لها، فكثيرًا يحدث هذا بالسماء، نفض عن عقله التفكير  ثم دخل الى محطة القطار. 

....... ــــــــــــــــــــــ

بالقاهره 

بشقة هاشم 

وقف يضع الهاتف على أذنه يسترجي أن ترد عليه سلوان، لكن أعطى الهاتف إشارة عدم وجود الهاتف بمكان به شبكة  هاتف. 

زفر نفسه  بقلق قائلًا: 

قربنا على نص الليل وسلوان مرجعتش للشقه وبتصل عليها يا مش بترد يا الهاتف خارج التغطيه. 


حاولت دولت إشعال غضبه قائله: 

هى سلوان كده دايمًا أنا فاكره لما كانت  فى الجامعه وقاعده عند عمتها شاديه كانت اوقات تتأخر ساعات مانت تجي تبات هنا فى الشقه دى لوحدها وشاديه كان بيبقى عقلها هيطير منها، هى سلوان كده معندهاش تقدير لمشاعر قلق غيرها طالما فى الآخر بتلاقي  دلع. 


نظر هاشم لها بغيظ قائلًا: 

أنا مش ناقص كلامك السخيف ده، ومعرفش إزاي خرجت من الشقه ومعاها شنطة هدوم وإنت مشوفتهاش.


إرتبكت دولت قائله:

سهتني،إنت مفكر لو انا شوفتها وهى خارجه بشنطة هدوم مكنتش هسألها هى رايحه فين،سلوان من وقت ما أتجوزتك وهى بتعاملنى على إنى مش موجوده وطول الوقت بتتجنبني،غير كمان طول الوقت حابسه نفسها فى أوضتها وقاعده عالتلفون يا عالابتوب بتاعها،معرفش بتعمل أيه حاولت أتكلم معاها بس هى تقريبًا مش بترد عليا غير بالقطاره على قد السؤال...هى ممكن تكون معذوره انا برضوا مرات باباها.


زفر هاشم نفسه بقلق وضيق وعاود الإتصال على سلوان،لكن تنهد قائلًا:.

تليفون سلوان بيرن.


شعرت دولت بغلظه لكن رسمت بسمه تتنهد براحه كاذبه حين ردت سلوان.


...... 

بالقطار 

كانت سلوان تجلس تشعر بألفه بين ركاب القطار تنجاذب أحيانًا الحديث مع من يجلسون جواراها، وأحيانًا تنظر خارج شباك القطار ترى أماكن جديده وتقرأ أسمائها منها ما هو غريب ومنها ما هو مألوف، 

حتى  سمعت رنين هاتفها التى تجاهلت الرد عليه سابقًا مرات  

زفرت نفسها بضيق شديد وهى تنظر الى شاشة هاتفها تعلم من الذى كان ومازال يتصل عليها، فهى شبه علاقاتها مع الآخرين محدوده فقط مجرد زمالات دراسيه وقتيه وتنهى، فهى منذ طفولتها لا تشعر بالإنتماء لأى مكان  قضت معظم حياتها بالتنقل مع والدها سواء فى مصر  او حتى فترة بقائها برفقة والدها سنوات بالخارج... 

فكرت للحظات بعدم الرد لكن بلمسه خطأ فتحت الخط، إضطرت الرد  لتسمع من يقول بلهفه وإستخبار: 

سلوان... إنت فين بقينا نص الليل ولسه مرجعتيش للشقه. 


تهكمت سلوان ساخره تهمس لنفسها: 

أخيرًا حسيت إنى سايبه البيت من الصبح طبعًا عايم فى العسل مع العروسه هتفتكر إن ليك بنت . 


عاود سؤالها مره أخرى

ردت سلوان بنزك: 

أنا قولت بلاش أبقى عازول حضرتك  عريس جديد، وقررت أسافر كام يوم سياحه وكمان أسيبك تتهنى مع..... طنط. 


تسأل مره أخرى بإستفسار وتعجب: 

سلوان سافرتى!  إزاى بدون ما تقوليلى وكمان سافرتى فين؟ 


ردت بلا مبالاه وسخريه: 

لما أسحب فلوس من الكريديت أكيد هتعرف أنا فين،سلام يا بابا أبقى سلملى على طنط،وبالرفاء والبنين. 


كاد يتسأل مره أخرى، لكن رأت عبر زجاج  القطار لوحه مكتوب عليها "محطة الأقصر"... وشعرت أن القطار يستعد للوقوف. 


أغلقت الهاتف ونهضت، شعرت بتيبُس بساقيها سببه بقائها جالسه لمده طويله تهكمت قائله: 

المفروض القطر بيطلع من محطة مصر الساعه اتناشر الضهر يوصل أسوان إتناشر بالليل، لكن كويس إنه وصل للـ أقصر الساعه إتناشر وتلت،حاسه إن رِجليا زى ما تكون متشنجه مش رِجليا بس ده جسمي كله،هانت أوصل للأوتيل وأخد شاور دافي يفُك جسمي.  


على رصيف القطار 

وضع الهاتف على أذنه يرد على سؤال والده: 

إنت فين يا جاويد لدلوك، الساعه جربت على إتناشر ونص وإنت لساك معاودتش للدار... أمك سألتنى إن كنت بعرف مكانك، جولت لها مخابريش. 


رد جاويد: 

أنا فى محطة الجطر(القطر)، وخلاص كلها نص ساعه وجطر البضاعه يوصل أشحن البضاعه على محجر  المصنع وأعاود للدار، يعنى ساعه ساعه ونص بالكتير.


تنهد والده قائلاً: 

إنت اللى هتستلم  البضاعه بنفسك كنت خليت أى حد من المصنع يستلمها مُطرحك. 


رد جاويد: 

وفيها أيه لما أستلمها آنى، أنا فاضي دلوك. 


تنهد والده بإشتياق وتقدير قائلاً: ربنا يديك  طولة العمر بتشبه چدك الله  يرحمه كان دمه حامي إكده ويعمل كل شئ حتى الحاچه الصغيره بيده... بلاش تتأخر عشان إنت عارف أمك عندها جلج(قلق) عليك بزياده. 


تنهد جاويد قائلاً: 

مش عارف  أيه سبب الجلج ده، أنا خلاص كبرت وكلها أجل من شهر وأكمل واحد وتلاتين سنه. 


تبسم والده قائلاً: 

هى بتجول مش هنطمن عليك غير لما تتزوچ ويكون لك مره تاخد بالها منيك. 


ضحك جاويد قائلاً: 

كنت بنته إياك وهيفوتنى الجطر، وبعدين يعنى العرايس جدامها كتير. 


رد والده ببساطه: 

العرايس كتير، وفي منهم اللى فى إنتظار كلمه  منيك. 


فهم جاويد تلميح والده قائلاً بتتويه:

نتكلم فى الموضوع ده بعدين خلاص الجطر اللى جايه فيه البضاعه  انا سامع صوته بيجرب من المحطه. 


أغلق جاويد الهاتف وكاد يضعه بجيبه لكن. 


بسبب تيبُس جسدها ومكان مقعدها بمنتصف إحدى عربات  القطار تأخرت فى النزول من القطار، بمجرد أن وضعت  إحدى قدميها على رصيف القطار إندفع القطار سيرًا وكاد يجذبها تحت عجلاته لكن وقعت منها حقيبة يدها كذالك حقيبة ملابسها، أسفل تلك العجلات بينما إختل توازن جسدها وإنعدمت جاذبيته وأخذت تدور وتدور لا تستطيع السيطره على جسدها كآنه مثل الهُلام، تتخبط بين بعض النزلاء من القطار، حتى أنها تصادمت بكتف جاويد ومازالت أيضًا تدور، الى أن إقتربت  رصيف القطار المقابل وكادت تسقط على القُضبان ، لكن سريعًا حين رأها جاويد أمسكها بقوه من  إحدى عضديها وجذبها عليها، ثم أمسك عضد يدها الأخرى  يُثبتها بمكانها قبل خطوه واحده من السقوط على قضبان القطر، ثبتها قويًا وهى شبه دائخه.

وحين يشاء القدر  يكون اللقاء الذى  سيجمع بين العصب والوتين.... بـ "أرض مازالت تحمل لعنة خيانة الجدود لـ عهد قديم  يدفع ثمنه الأحفاد". 

..... ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


#الثالثه

#شد_عصب«المكتوب عـ القلوب» 

ــــــــــــــــــــ

بأقصى أطراف البلده منزل من" الطوب اللبن "

يُشبه العِشش تفوح منه رائحة كريهه 

رائحة مكان يُعقد  فيه  عهود مع شياطين الجان، هنالك أيضًا شياطين البشر التى لا تفكر سوا فى الطمع. 


ألقت بعض من الرمال فوق ذالك المنقد (موقد صغيرللفحم) 

حتى تهدأ نيران ذالك الفحم المُتأججه، زفرت نفسها قائله: 

صالح الأشرف من زمان  رِچليك مخطتش لعِشتي، چاي كيف العاده عشان مصلحتك،" أرض الچميزه". 


إستغرب صالح الذى شعر بغثيان من رائحة المكان الكريهة أخرج منديل مُعطر من جيبه ووضعه فوق أنفه.


إستهزأت به قائله:

الأرض راجده(راقده)على كنز كبير بس  كل شئ بآوان ولساه آوان خروچ الكنز مجاش. 


لمعت عينيه بطمع وإنبسط وجهه بظفر فى البدايه ثم سأم وجهه مُتهجمً يقول: 

وميتى بجى آوان خروچ الكنز يا "غوايش".


ألقت غوايش بعض الرمال فوق المنقد قائله:

لما  أعرف طلبات مارد المقبره،بس قبلها لازمن تحاوط الأرض دى بـ سور خرساني عشان لازمن نحفُر الأرض،الكنر فى جُب غويط،ولو حفرت أكده فى العلن ألف يد هتتمد عالكنز المدفون.


لمعت عين صالح بطمع متسألًا:

بس أنا ليا جزء فى الأرض مش كلها ملكي،صلاح له فدان وصفيه نص فدان،كيف هحاوط على نصيبهم بالأرض،ومش معجول هجول لهم إن فى كنز تحت الأرض،صلاح ولاده التنين لابسين توب العِفه،وصفيه هتمشى وراء صلاح وولاده.


زفرت غوايش نفسها ونفخت فى ذالك المنقد ليشتعل الفحم قائله:

بس تجدر تحاوط نصيبك مش قليل،فدان صحيح الكنز راجد تحت الأرض كلها بس سهل نسحبهم من نصيبك فى الأرض بعد الحفر.


تنهد صالح بطمع قائلًا:

تمام،بس هيسألونى عن  سبب إنى بحاوط الأرض دى؟.


زفرت غوايش نفسها بضيق قائله:

سهل الچواب،جول لهم إنك هتبنى عليها مصنع فخار كيف جاويد ولد أخوك ما عنده مصانع،هتستغل الأرض وإنها جريبه من النيل وأكيد طميها هينفع المصنع،وكفايه أسئله عاد دلوك وكل سؤال له چواب بعدين،دلوك إلحق حاوط الأرض 

بـ سور سميك وبلاش تستعجل عالكنز له آوان يخرج فيه،لما يتم طلب مارد المقبره... ودلوك هملني وأنا هبجى أشيع لك، كيف ما حصل سابج، هتغرف من كنز ثمين مدفون مش بس دهب مساخيط، كُمان فى اللى أهم من دول. 


برقت عيناه بجشع مُبتسمًا يقول بأستفسار: 

وأيه اللى بالمقبره أهم من الدهب والمساخيط، بترول إياك. 


نظرت له غوايش بعين تحولت الى وهج نيران مُستعره تقول: 

لاه مش بترول، ده سر جديم تركيبه ترچع الشايب شاب من تاني ويعافر مع صبيه مش يبلبع حبيتين وآخره يحسس بيده. 


فهم صالح مغزى حديثها شعر فى البدايه بخزي  لكن لمعت عينيه وبرقت بآشتياق  وأهتز جسده برغبه قائلًا: 

جصدك "الزيبق الأحمر". 


ردت غوايش: 

لاه مش الزيبق الأحمر ده ترياق تاني مخلوط ومِعزم عليه بجوة مارد المُجبره،ودلوك كفايه أسئله،جولت هملني لحالي. وحط اللى فى چيبك على الكرسى اللى جاعد عليه. 


وقف صالح وأخرج من جيب جلبابه ظرف وضعه على المقعد مكان جلوسه وخرج من العِشه تاركًا 

غوايش التى إزداد توهج عينيها نيرانًا وهى ترى خيال مارد شيطاني كبير ومُخيف يقف على الحائط أمامها،نهضت سريعًا وإقتربت من الحائط شعرت بيد قويه توضع فوق رأسها تغصبها أن تسجد بالفعل سجدت أمامه تُشرك بالله تبيع روحها لشيطان طالبه قوه خفيه تساعدها فى أعمال شريره تأذي بها الأخرون،تعتقد أنها تُعطيها سطوه كي تأخذ بثآر الماضي.

.........ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمنزل مؤنس القدوسى

    

رغم أن الغرفه مُظلمه، لكن جافى النوم مرقده  بسبب هو يعلمه جيدًا، الشوق والحنين، لفتاه كانت مُدلله ربما أفرط فى تدليلها، ليكون هذا الدلال سبب هلاكها، لا يعلم سبب لتذكره لها اليوم لكن سأل قلبه:

هل نسيتها يومً بل لحظه بحياتك،تخليت عنها وتركتها تذهب خلف هلاكها بعيدًا لتعود لك فى يوم جثه دفنتها دون عزاء وإعتقدت أن هذا كان عقابً لها بل كان لك، قلبك يآن بكل لحظه، تتمنى لو كنت سبقتها إلى القبر وإنقلب الوضع وهى من أخذت عزائك.


نهض من على فراشه واشعل الضوء وأخذ عباءه عربيه وضعها على كتفيه وخرج الغرفه لو ظل بالغرفه يتذكر أكثر سيجن عقله،خرج الى حديقة المنزل،حتى قدميه ساقته نحو ذكراها وهو ينظر الى شجرة التوت  التى بالحديقه رأى تساقط أورقها  بسبب الخريف حين تسلط ضوء شبه منير من القمر الاحدب،للحظه إبتسم وهو يتذكر صبيه يافعه تتسلق فروع شجره توت مثل هذه،كانت تتسلق بحذر كأنها فراشه تتنقل بين الأغصان وقفت بحذر على أحد الفروع تقذفه بحبات التوت الأحمر قائله بغنج:

إفتح حجرك يا أبوي  وخد دوج(تذوق) توت أحمر كيف ما بتجول عليه

"خد الچميل" متخافيش الچلابيه اللى عليك غامجه وكمان جديمه ولو بجعت (بقعت)أمى ما هتصدج وتعملها خلجات تمسك بيها الطناچر من على الباجور.


كان يضحك لها ويفعل مثلما تقول يفتح حجر جلبابه ويتلتقط  حبات التوت التى تقذفها من فوق الشجره وينتظرها حتى تهبط من فوق الشجره تجلس جواره أسفل الشجره يستمتعان بتذوق التوت وحين يرى ذالك المياء الأحمر حول فمها وخديها يضحك قائلاً:

كُلى واحده واحده بلاش بالحِفان (كف الايد) خدودك  وشفايفك بتاكل معاكِ بجى لونهم أحمر. 


كانت تضحك بدلال قائله: 

ده لونهم الطبيعي يا أبوي ناسى إنك بتنادم عليا "مِسك خد الچميل". 


" مِسك خد الچميل"

ترددت تلك الجمله فى رأسه مع دموع حسره على شبابها الذى ذهب سريعًا، جلس على  جذع شجره قريب من تلك الشجره  ، لا يعلم سبب لذالك الشعور الذى يتوغل بقلبه، يشعر برائحتها فى نسمة الهواء الخريفيه، يشعر أنها قريبه منه، ربما لو عاود النظر لأغصان الشجره يرها واقفه على أحد أغصانها، لكن غص قلبهُ، هذا وهمً، فالراحلون لا يعودن فقط يتركون ذكريات  وآسى بالقلوب.


بنفس اللحظه شعر مؤنس بيد على كتفه،بلهفه جفف دموع عينيه بيديه ونظر خلفه،للحظه ظن أنها مِسك وأن ما حدث كان كابوس حتى أنه قال بلهفه:

مِسك.


إبتسم محمود وهو يظن أنه يعتقد أنه إبنته قائلًا: 

مِسك من وجت ما عاودت مع صفيه من دار خالها دخلت لمجعدها، وزمانها فى سابع نومه، أيه اللى مسهرك يا أبوي...أنا خدت نعسه وجومت من النوم عطشان ملجتش ميه فى المعجد نزلت للمطبخ لمحتك باب الدار مفتوح وكنت هجفله بس لمحتك فى الچنينه،أيه اللى شاغل بالك إكده يا أبوي من صباحية ربنا وإنت شارد.


تنهد مؤنس يتنفس الهواء يشعر بآسي فى قلبه محمود ظن أنه يتحدث عن إبنته بينما هو قصد "خد الچميل"التى رحلت وتركت مكانتها فى قلبه لم تهتز،لكن بداخله ندم لو عاد الزمن مره أخرى لن يتركها ترحل بعيد عنه حتى لو كان ألزمها بالزواج 

بـ رجل تبغضه،لكن فات الآوان وأصبح كل شئ ماضى مؤلم،تنهد يحبس تلك الدمعه التى تترك قلبه أشلاء قائلًا بكذب:

أنا مش شارد  يا ولدي ولا حاچه،بس يمكن تقلت فى الوكل،والنوم طار من عيني جولت أتمشي هبابه أهضم الوكل وأها أنا جايم أدلى على مجعدي وإنت كمان مش شربت يلا إدلى على مجعدك.


قبل أن ينهض مؤنس من على جذع الشجره جلس محمود على جذع آخر قائلًا:

فى موضوع يا أبوي عاوز أتحدت فيه وياك وأخد بشورتك،بصراحه إكده،صالح الأشرف عرض عليا أنى أشتغل وياه  وأبيع له  بضاعة الفخار اللى عم صنعها وهو يبيعها فى البازار بتاعه للآجانب.


زفر مؤنس نفسه بسأم قائلًا بتحذير:.

لاه يا ولدي بَعِد عن سكة صالح الأشرف،سكته واعره وآخرها الندم،إنت مش ربنا رازقك وبتشتغل مع بازارات تانيه فى الاقصر غير زباينك اللى واثجين فى جودة صنعتك،بلاها يا ولدي وبلاش تسمع حديت مرتك الفارغ،بالك لو كان چالك العرض ده من صلاح أو جاويد كنت جولت لك وافج بدون ما تفكر حتى إنت يمكن مكنتش هتبجى محتار وتسألنى،آخر حديت يا ولدى خلينا بعيد عن سكة 

صالح الأشرف كفايه اللى حصل منيه بالماضي،لسه مكان الچرح لغاية دلوك بينزف.   

   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بغرفة  مِسك 

خلعت ذالك المئزر الحريرى من على جسدها وبقيت بثوب نوم نسائى شبه عاري ذهبت وجلست على مقعد أمام المرآه، جذبت قلم حُمره للشفايف وبدات بطلي شفاها منه بكثرة  حتى أصبحت شفاها شبه دمويه ومُغريه أطبقت شفاه أكثر من مره ثم وضعت قلم الحُمره ونظرت  لإنعكاس وجهها وجسدها بالمرآه 

نهضت واقفه تدور حول نفسها بإعجاب من جسدها الغض وشفاها المثيره تخيلت لو جاويد رأها بكل تلك الفتنه ماذا سيكون رد فعله، ذهبت نحو الفراش وأرتمت بظهرها عليه تُغمض عينيها تتخيل لو تحققت تلك الأمنيه 

تخيلت أن جاويد نصف عاري فتح باب غرفتها ودخل وأغلق خلفه باب الغرفه مُبتسمًا ينظر لها بإفتتان ورغبه تضُخ من عينيه وهو يقترب من الفراش، نهضت قليلًا وبدأت يديها تسير على مُحنيات جسدها بإغواء، تبتسم له وهو ينحني على الفراش عليها وشعرت بيديه فوق وجنتيها شعرت بأنفاسهُ القريبه من شفاها، قلبها يدق بصخب تنتظر أن تشعر بشفاها بين شفاه، لكن هنا فاقت من تلك الغفله التى يتمنى قلبها قبل عقلها تحقيقها، فاقت بعد أن شعرت بخواء وان ذالك كان مجرد وهم لذيذ تحي من أجل أن يتحقق يومً ما قريبًا وتُصبح مِلك يمين جاويد، تلك هى الامنيه التى تحيا من أجلها، تعشقه منذ نعومة أظافرها هو فارس أحلامها، رغم أنه لم يُعطي لها يومً إهتمام أكثر من كونها إبنة عمته، ذمت نفسها قائله بلوعه: 

لحد ميتى يا مِسك هتتحملي جفى جاويد، إنت سمعتى بودانك الليله حديته عالموبايل مع مرات خالك بتسأله هو فين، وإن عمته فى الدار ونفسها تشوفه، إتحچچ أنه مشغول ومجاش. 


جاوبت على نفسها بلوم قائله:

واه يا مِسك هتتخيلى وترسمى قصص من خيالك عاد،أكيد جاويد حداه شغل مهم هو عنده مسؤليات كتير،أيه اللى هيخليه يتهرب وميجيش عالعشا،من ميتى وجاويد بيهمه حاچه أو يستحي  وكيف ما جالت أمى لو مش رايدني كان ولا همه وإتزوچ من زمان من بنت غيري،بس هو عامل نفسه تجيل(تقيل) حبتين،بس بعد عمل المحبه اللى أمى دَسَتَهُ له فى المرتبه أكيد هينسى التُجل ويبيح باللى فى جلبه،ويتم المراد.


تنهدت بأمل تُغمض عينيها ترسم وهم لذيد لديها إحساس أنه أقترب تحقيقه.

.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمحطة القطار

" ساعة القدر يعمى البصر" 

هذا هو تفسير ما لا تشعر به كآنها فقدت الإدارك تمامًا لا تشعر بشئ رغم ذالك  تدافع الهواء القوي الذى  لولا تشبُث جاويد بعضديها لدفعها ذالك الهواء أسفل عجلات القطار. 


بينما جاويد المُتشبث بها كان أول شئ وقعت عيناه على شفاها المرسومه بحُمره طبيعيه،سار بقلبه رغبه قويه فى تقبيلها للحظات تنحى العقل وكاد يقترب من شفاها ويُحقق تلك الرغبه، لكن فاق من ذالك الإنسياق على صوت إحداهن تصرخ وتقول: 

الجطر دهس بنت تحت عجلاته. 


فجأه عم الصخب بين نزلاء القطار وتوقف القطار للدقائق البعض ينظر الى أسفل عجلات القطار يرى تطاير ملابس منهم من يُجزم أن هنالك من فرمتها عجلات القطار وآخر يقول أن تلك حقيبة ملابس فقط،تأكدوا حين عاود القطار السير،وأقترب البعض من مكان وقوف جاويد المُتشبث بـ عضدي سلوان التى بدأت تشعر بعودة الإدراك،هنالك من ظن وأبتسم  أن هذان الإثنان عاشق يستقبل معشوقته الآتيه من السفر، وأخر إستهزئ من ذالك وأعتبره وقاحه لا داعى منها أمام أعين الغرباء، وهنالك آخر من رأى الموقف من البدايه وفهم أنه كان عمل إنساني من جاويد لكن إستغرب حين رأى تقارب جاويد منها يضمها أكثر وكاد يقترب من شفاها. 


بينما جاويد رفع رأسه قليلًا نظر لوجهها الخالى من أى رد فعل، لكن  لفت بصره وطن برأسه وصف إمرأة المعبد حين همست له قائله: 

العلامه فى وشها "شامه عالخد وإتنين عالشفايف وخصله غجريه ثايره على شفايفها". 


هذا بالفعل ما يراه أمامه، بنفس اللحظه سقط ورقة العشق وأيقن أن تلك المرأه لم تكن تقول له خزعبلات بل كآنها قرأت الطالع والمكتوب على قلبه... 

كذالك سلوان التى بدأت تشعر باحساس عودة الحياه مره أخري، تلاقت عينيها مع عيني جاويد دخل الى قلبها شعور لا تعلم ما هو لكن شعور 

بـ قبول غريب عليها 

كذالك بدأت تشعر بيدي جاويد المُمسكان بعضديها ببديهيه منها تراجعت للخلف خطوه لكن مازال أثر الخضه وكذالك يدي جاويد يُحطان بها الى أن أقترب ذالك الرجل الذى رأى كل شئ من البدايه ومد يده بزجاجة مياه نحو سلوان قائلًا: 

خدي يا بتِ بلى ريجك بشوية مايه.


مدت سلوان يدها بضعف  تُمسك زجاجة المياه،لكن قبلها نظرت لـ جاويد قائله بهدوء:

سيب إيديا. 


بتردد شعر جاويد بالخزي وترك عضديها،لكن مازال ينظر لها بتعجب وإعجاب،فى نفس الوقت،بينما إرتشفت سلوان بعضًا من الماء ثم نظرت نحو قضبان القطر رأت بقايا حقيبتيها وملابسها التى ذهبت أدراج الرياح لم يبقى شئ سوا قطع ممزقه من كل شئ...كذالك جسدها واهن بصعوبه  ذهبت نحو إحدى الآرائك تسير بوهن الى أن جلست عليها مازالت تائهة الوجدان،بتلقائيه ذهب جاويد الى مكان جلوسها وجلس جوارها فقط ينظر لها صمت غريب حل على المكان وإختفى الماره.


شردت سلوان وهى تنظر الى بقايا أشلاء ثيابها بين قضبان القطر،لو لم يتغير القدر وإنزلقت مع حقيبتيها أسفل عجلات القطار،كانت ستُصبح أشلاء كهذه،ولن يتعرف أحد على جثمانها،شعرت ببروده تسري فى جسدها بتلقائيه ضمت يديها تمسد عضديها بكفيها،تود أن تبكي لكن حتى الدموع تحجرت بعينيها،لكن شعرت بمعطف ليس ثقيل يوضع على كتفيها،رفعت نظرها،رأت ذالك الرجل الذى أعطاها المياه قبل قليل يبتسم لها قائلًا:

متخافيش الچاكت نضيف.


إبتسمت له بوهن وإمتنان وإرتدت المعطف فوق ثيابها،شعرت بدفء...

بينما جاويد نظر لذالك الرجل وشعر بالغيره حين إبتسمت له سلوان، رغم  أنه يعلم ان بسمتها له مجامله منها...زفر نفسه قويًا ونظر نحو قضبان القطر،رأى لمعان شئ يضوي،دخل إليه فضول ونهض من جوارها وقفز بين القضبان وذهب نحو ذالك الشئ الامع،وجذبه من بين بعض الأشلاء، كانت بطاقة هاويه نظر نحو سلوان وكاد يتحدث لكن الفضول جعله يود قرأة  إسمها،إقترب من أحد أعمدة إنارة المكان وهمس إسمها بذهول

"سلوان هاشم خليل راضى"


بينما جلس الرجل جوار سلوان متسألًا:

إنتِ زينه يا بتي.


ردت سلوان على سجيتها بتلقائيه:

إسمي سلوان مش زينه.


إبتسم لها الرجل قائلًا:

عاشت الأسامي يا بتى أنا جصدى إنك بخير.


ردت سلوان:

الحمد لله بخير،بس مش عارفه هعمل أيه دلوقتي وهروح فين بعد كل حاجه ما ضاعت تحت عجلات القطر.


إبتسم الرجل قائلًا:

ربك هيدبرها يا بتي متجلجيش،زى ما أنجدك من شويه.


صمتت سلوان وهى ترى جاويد يقترب من مكان جلوسها مره أخرى حتى وقف أمامها ومد يدهُ لها قائلًا:

أنا لقيت بطاقتك الشخصيه بين قضبان القطر أتفضلي.


أخذت منه بطاقة الهاويه بإنشراح وهى تنظر الى الرجل الجالس جوارها قائله:

إنت راجل بركه،قولت لى ربنا هيدبرها وأهو بطاقتي الشخصيه والأستاذ لقاها،كده تقريبًا إتحل جزء مشكلتي.


إبتسم لها الرجل قائلًا:

سلمي أمرك دايمًا لله يا بتي، بس زى ما جولتى اللى إتحل جزء من المشكله وأيه الباجي؟. 


ردت سلوان: 

أنا كنت حجزه هنا فى الأقصر فى  أوتيل عن طريق النت حتى كمان كنت حولت جزء تحت الحساب، بس أنا مش عارفه هروح للاوتيل ده إزاي دلوقتي؟.


إبتسم الرجل وهو ينظر نحو جاويد قائلًا بمكر وهو يرى نظره خاصه من جاويد لها قائلًا:

بسيطه يا بتي  ممكن تأخد تاكسي ولما  توصلى  للأوتيل خلي  الاوتيل يحاسبه ويضيف الحساب على فاتورتك...أو...


صمت الرجل،بينما قالت سلوان بإستفسار:

أو أيه؟.


نظر الرجل نحو جاويد قائلًا:

أو الأخ ده لو معاه عربيه يجدر يكمل معروفه ويوصلك للأوتيل.


نظرت سلوان لـ جاويد تشعر نحوه بشعور غريب،لا تستطيع تفسيره وكادت  تسأله لكن  صمتت حيائها منعها،فعرض جاويد:

معايا عربيه بره محطة القطر ولو فاكره إسم الاوتيل خليني أوصلك له.


نهضت مُبتسمه تقول له:

آه فاكره إسم الأوتيل بس معرفش هو قريب من محطة القطر أو لاء.


إبتسم الرجل قائلًا:

مش هتفرق يا بتي،خلى الأستاذ يوصلك،دلوك بحينا بعد نص الليل والله أعلم بمين عالطريج.  


دب الخوف فى قلب سلوان لكن شعرت بالامان ناحية  ذالك الرجل  قائله برجاء: 

تعالى معانا، أنا حاسه ناحيتك  بانك راجل طيب وتشبه بابا. 


إبتسم لها قائلًا:. واضح إن جلبك طيب يا بتي، بس أنا هنا عشان هستلم بضاعه جايه  فى الجطر من أسوان وهى تجريبًا وصلت عالرصيف، والأستاذ كمان شكله طيب وولِد حلال. 


نظرت سلوان  لـ جاويد  تشعر ناحيته  بآمان ربما أكثر من ذالك الرجل وشعور آخر لكن تخشى الثقه الزائده، وكادت تقول برجاء لـ ذالك الرجل الذى قاطعها قبل أن تتحدث: 

عمك "بليغ" له نظره  فى الناس يا بتي، روحى مع الأستاذ متوكد أنه أمين. 


كأنها كانت بحاجه لسماع ذالك الكلام من بليغ لتذهب مع جاويد، بالفعل أومأت برأسها بموافقة وسارت بعض الخطوات أمام جاويد الذى إقترب منه بليغ قائلًا: 

شكلي جيت فى الوجت المناسب، 

إدلى مع الصبيه وصلها للفندق، ومتحملش هم البضاعه انا هستلمها وادخلها  للمخازن. 


إبتسم جاويد  له قائلًا: 

لو مش اللى حصل الليله كان هيبجى ليا رد فعل تاني إنك تكسر كلمتى وتچى تستلم البضاعه وإنت مُصاب ولازمك راحه. 


إبتسم بليغ  وهو ينظر لـ سلوان التى توقفت عن السير تنظر لهم قائلًا: 

أعتقد إنك هتكافأني إنى جيت  فى الوجت المناسب روح وصل سلوان... شكلها  محتاجه لراحه بعد اللى شافته الليله، لو مش إنت اللى جيت فى الوقت المناسب يمكن...، ربنا بيسبب الأسباب، أشوفك بكره  فى المصنع يا جاويد. 


سار جاويد نحو سلوان التى أشارت بيدها لـ بليغ بالسلام، ثم سارت أمام جاويد الى أن وصلا الى خارج محطة القطار، أشار لها على سيارته وفتح لها الباب الامامي وذهب هو الى الناحيه  وجلس خلف المقود.


كان الصمت بينهم،كل منهم يود سؤال الآخر لكن هنالك شئ يمنعه،الى أن وصلا الى مكان الفندق توقف جاويد بالسياره أمام مبنى ضخم قرأت إسم اللوحه الأعلانيه الكبيره علمت أنه الفندق.


فتحت باب السياره وترجلت منها،توجهت نحو باب الفندق،لكن قبل أن تتبعد عن  السياره سمعت صوت إغلاق باب السياره  نظرت خلفها ورأت ترجُل جاويد، فقالت له بإختصار:

شكرًا.


أومأ لها برأسه صامتًا وظل واقف أمام سيارته الى أن دخلت الى داخل الفندق،ظل قليلًا ثم دخل الى الفندق وذهب الى مكان الإستقبال سألًا عن غرفتها ثم غادر الفندق...عائدًا عقله يُفكر كل ما حدث الليله  الذى لو سرده عليه أحدًا لقال أن هذا قصه خياليه،يحكيها راوي بأحد الموالد الشعبيه...يضحك بها على عقول السُذج.

.....ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

دخلت سلوان الى داخل تلك الغرفه التى من الجيد أنها أكدت الحجز بتحويل  جزء تحت الحساب الى  الفندق،ألقت بمفتاح الغرفه وبطاقة هويتها فوق الفراش ثم ألقت جسدها فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفه عقلها يسترجع ما حدث لها الليله عقلها كأنه مثل شريط فيديو سجل ما حدث دون إراده منها،دمعه سالت من عينيها للحظه كان بينها وبين موت مُحقق خطوه واحده،لولا...


لولا من هذا؟ وما هذا الشعور الغريب الذى بداخلها  مره  لأول مره تشعر بآلفه إتجاه أحد من أول لقاء لها معه،فما عاشته سابقًا بسبب كثرة تنقُلاتها من مكان لآخر علمها التريُس فى إعطاء الآمان لمن أمامها،هى آمنت لـ ذالك الشاب الذى أنقذها ليس هو فقط ذالك الكهل الآخر،نظرت الى جسدها وذالك المعطف الذى وضعه  فوق كتفيها وهى بمحطة القطار،إحساس غريب يغزوا عقلها هى حُذرت سابقًا من المجئ الى هنا بالأقصر ،لكن إنقسم تفكيرها،بين ما كاد يحدث لها  وبين ما قابلته هنا منذ البدايه بداخلها تمنت رؤية ذالك الشاب مره أخرى لا تعلم سبب لذالك،لكن  نهضت من على الفراش تشعر بإرهاق وخلعت ذالك المعطف ،لكن شعرت بشئ معدنيّ  بداخل أحد جيبوب المعطف،بفضول منها أخرجته،كان "سوار فضي" به    بعض النقوش الفرعونيه،أعجبها تصميمهُ كثيرًا لفت نظرها  حفر كتابه باللغه العربيه داخله ،قرأته بصعوبه قائله:

"جلال الدين".

وضعت السوار بجيب المعطف مره أخرى،قائله:

كان فين عقلي كان لازم أسأل عم بليغ ده عن عنوانه عشان أرجع له الجاكت بتاعه،أكيد الأسوره دى غاليه عليه. 

زفرت نفسها قائله:

حاسه جسمي بيوجعنى،هدخل أخد شاور وبعدها هيكون فى طريقه أرجع بيها الچاكت والخاتم ده... كويس أن البطاقه بخير، أكيد فى  فرع للبنك هنا فى الاقصر أروح أطلع كريديت جديد وأبقى أشترى لى هدوم وموبايل جديد.

.......ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بمنزل صلاح الأشرف.


خلع جاويد بعض ثيابه وظل بالبنطال فقط وذهب يجلس على الفراش،تنهد بإنشراح قلب،أغمض عينيه لثوانى،سكن وجه سلوان خياله،إبتسم بشوق وهو يتذكر نظره لشفاها،سارت رغبه قويه بقلبه وهو يتخيل لو كان أكمل وقبل شفاها بما كان سيشعر وقتها،لعق شفاه،لكن فتح عينيه على صوت طرق على باب الغرفه.


نهض بتكاسل يرتدي قميص  قائلًا:

إدخل.


دخلت يُسريه ببسمه قائله بعتاب حازم:

أيه اللى أخرك لدلوك،كل ده عشان جولت لك عالموبايل إن عمتك صفيه هنا،بتتهرب عشان متشوفش مِسك.


تنهد  جاويد قائلًا:

موضوع مِسك إنتِ عارفه رأيي فيه من الأول،مِسك زى حفصه،والتخاريف الجديمه بتاعة زمان اللى لسه عمتى متمسكه بيها،"ان جاويد لـ مسك" من وهي فى اللفه حتى لو أنا اللى وجتها كنت واخد الموضوع لعبة طفوله مش أكتر،لما كبرت عرفت حجيجة مشاعري،مِسك فى نظري زى أى بنت عاديه ومستحيل أقبلها زوجه ليا.


تنهدت يُسريه بسأم قائله:

وإنت عارف زين إن عمتك حاطه أمال فى جلب بتها والله بتصعب عليا أحيانًا،أنا مجدرش أغصب عليك تتجوزها،وبعد إكده لو محصلش بينك وبينها وفاج ترچع تلومني،بص يا ولدي كل شئ قدر وربنا هو اللى بيسره وبيدخل التآلف فى الجلوب،أنا كل اللى خايفه منيه هو "حفصه" أختك مِسك ليها تأثير كبير عليها،وعمتك طلبت الليله نحدد ميعاد كتب كتابها هى وإبنها،وأبوك وافج إن كتب الكتاب يتم كمان سبوعين،والچواز فى أچازة نص السنه.


تفاجئ جاويد قائلًا:

وليه الأستعجال ده عاد،ما يتجوزوا بعد أمتحانات نهاية السنه حتى تكون حفصه خلصت دراستها قبل ما ترتبط بمسؤلية جواز.


تنهدت يُسريه بقبول قائله:

جولت إكده بس عمتك جالت إن حفصه كيف بتها مِسك والجواز مش هيأثر على دراستها،وأبوك وافج كمان.


تثائب جاويد قائلًا:

تمام،طالما أبوي موافج يبجى على بركة الله.


نهضت يُسريه من جوار جاويد قائله:

هسيبك ترتاح شكلك هلكان،بس لسه لنا حديت عن سبب تأخيرك لدلوك بره الدار.


ضحك جاويد قائلًا:

ليه هو انا بنته وممنوع أتأخر بره الدار بعد العشا.


تنهدت يُسريه قائله:

لاه مش بنته بس انا بفضل جلجانه لحد ما تعاود إنا وأخوك للدار،هو كمان زمانه راجع من المستشفى 

ومعاه وكل من الشارع،طول عمره بيحب الرمرمه.


ضحك جاويد.


نهض من فوق الفراش بعد خروج يُسريه،ذهب نحو حمام غرفته وأخذ حمام دافئ،وإرتخى بجسده فوق الفراش كي ينام لكن سهد النوم وطار من عينيه رغم أنه كان قبل قليل يتثائب ويشعر بالنعاس،وعاود خيال وجه سلوان يشغل عقله وقلبه.


خرج من غرفته وصعد الى تلك المضيفه التى بأعلى المنزل وذهب نحو تلك الطاوله وبدأ بممارسة هوايته المفضله التى ورثها،  وهى تشكيل الفخار...حاول الانهماك  ،لكن عقله وقلبه يرفضان ان يبتعد عنه وجه سلوان، وتذكر  آخر كلمه  سمعها من إمرأه المعبد وتحذيرها له:

حاذر تكذب أو تخدع 

لوعة العشج مكتوب عـ الجلوب 

     

#الرابع«طلسم الماضى» 

#شد_عصب

ــــــــــــــــــــ

بعد مرور  يومين 

ليلًا

منزل صلاح. 


بتلك المضيفه التى بأعلى المنزل

توقف جاويد عن تكملة تشكيل تلك القطعه الفخاريه التى كانت بيديه، نهض يشعر بـ سأم من كل شئ،شئ واحد فقط يُفكر فيه "سلوان" تلك الجميله التى سلبت تفكيره قبل أن يراها،فجأه نهرهُ عقله لائمًا:

عقلك خلاص هيتجنن يا جاويد بجالك كام يوم مش مركز فى حاجه،لأ والأدهى إنك كمان ناسي إلتزامتك وبتروح تجعد طول اليوم فى الاوتيل تستناها لحد ما تنزل من أوضتها،كله من الوليه العرافه اللى جابلتها فى المعبد بكلمتين منها لخبطت حالك.


لكن بنفس اللحظه ذم  قلب جاويد عقلهُ:

كل اللى جالتلك عليه إتحقق وفعلًا جابلت سلوان.


همس إسم سلوان برنين خاص يخترق قلبه مباشرةً وإبتسم وهو يتذكر ملامحها وبالأخص شفاها لعق شفاه بلسانه بإشتهاء  متشوقًا يشعر برغبه فى تذوق قُبله من شفاها يُعطي لنفسه تبرير  أن تلك رغبه لا أكثر: 

بصراحه شفايفها تجنن... لو... 


قطع حديث جاويد من فتح باب الغرفه وسمع آخر جمله له وأستغرب قائلًا  بغمز: 

مين اللى شفايفها تجنن يا ولد الأشرف، ولو أيه كمل كلامك ؟. 


نظر جاويد نحو باب الغرفه صامتًا، ثم جلس على أريكه بالغرفه  دخل الآخر وجلس جواره قائلًا: 

كمل يا وِلد الأشرف، مين اللى شفايفها تجنن. 


لكزه جاويد قائلًا: 

إنت اللى سمعت غلط،وبعدين أنت مش راچع من المستشفى هلكان زى كل يوم،أيه اللى طلعك لإهنه دلوكيت.


تنهد جواد يشعر بشعور خاص يختلج بقلبه لا يعلم ما هو سببه،أو ربما يعلم جزء من السبب هو الإعجاب وكثرة التفكير بتلك الطبيبه التى لم يتحدث معها سوا مره واحده فقط، ولكن يراها بممرات المشفى عن بُعد، يود أن يتحدث معها مره أخرى ربما علم سبب ذالك الشعور الغير مفهوم، ما بها أثار إنتباهه مثل أى فتاه عاديه، ربما يريد معرفة سبب ملامحها الحزينه، لكن لا ليس ذالك فقط هذا يعتبر فضول وتطفُل منه. 


لم يرد هو الآخر على سؤال جاويد وبدل دفة الحديث ونظر نحو تلك الطاوله قائلًا: 

برضك نسيت تعملى الماج اللى جولت لك عليه، عالعموم أنا هعمله لنفسي دلوك ولا الحوچه لك. 


نهض جواد من جوار جاويد وقام بتشمير كُم قميصه عن ساعده وجلس خلف تلك الطاوله، وبدأ بتشكيل قطعة الفخار. 


إبتسم جاويد ونهض هو الآخر يجلس خلف تلك الطاوله وبدأ بالتشكيل هو الآخر كأنهما يتباريان معًا بصناعة الأميز،يتجذبان الحديث بأمور تلك الصناعه الى أن مر بهم الوقت دون شعور منهما سمعا صوت آذان، ترك جواد ما كان يفعله ونهض يتثائب قائلًا:

الحديت أخدنا والوجت كمان  

ده آدان الفجر الاولاني،أما أقوم أفرد ضهري عالسرير شويه،لحد الفچر ما يأذن أصلي وبعدها وأنام ساعتين،عندي عمليه الساعه خمسه العصر ولازم أبجى فايج ليها.


نهض جاويد هو الآخر قائلًا:

أنا كمان عندي أشغال مهمه ولازم أكون مركز.


بعد قليل إنتهى الإثنين من صلاة الفجر 

خلع جواد ثيابه وظل بسروال فقط،وتوجه ناحية الفراش،وتمدد عليه يتثائب لكن لفت نظره جاويد وهو يخلع ثيابه،نظر الى تلك الندبه الظاهره بصدره قائلًا:

لساه آثر الچرح ده معلم مكانه فى صدرك.


نظر جاويد الى تلك الندبه التى بصدره يشعر بآلم مازال عالق بـ فؤاده تنهد بغصه قويه.


شعر جواد بنفس الغصه قائلًا:

إنت عارف إنك السبب إنى أغير مسار حياتي وأبجى فاشل عيلة الأشرف  وأدرس الطب،لما شوفتك غرجان فى دمك ومبجتش عارف أعملك أيه عشان نزيف الدم ده يتوجف،وجتها جولت لازمن أبجى طبيب عشان محش أنى ضعيف وبلا حيله مره تانيه.


إبتسم جاويد بغصه قائلًا:عارف،كلنا فى لحظه إتغيرت أمنياتنا للـ المستقبل. 


تنهد جواد بغصه هو الآخر قائلًا: 

أنا فاكر إنك كنت عاوز تبجى مهندس مدني وتبني قصور كبيره زى المعابد الجديمه، بس إنت اللى أختارت تدرس سياسه وإقتصاد وبرضك شيدت مصانع كبيره. 


تسطح جاويد  على الناحيه الأخرى للفراش كل منهم يشعر بفقد شيئ  كان ذو أهميه كبيره بحياته. 


تنهد جاويد  قائلًا: 

اللى حصل مكنش سهل، بس

غريب القدر بلحظه كلنا بدلنا أمنياتنا... أنا حققت أمنية غيري، بس مع الوجت إكتشفت أنها كانت أمنيتي أنا كمان، كان حِلم حياته يبجى حدنا مصنع واحد بجوا مصانع بس هو مبجاش موچود بينا.


أغمض كل منهما عيناه يُخفي ذالك الحزن الساكن بلقبيهم، لكن سكنت خيال كل منهم أميره آتيه من بعيد كأن لها تعويذة سِحر خاص ألقتها على قلبه.

ـــــــــــــــــــــــــ..... 

بالفندق قبل قليل

أغلقت سلوان التلفاز تتنهد بسأم وضيق ألقت جهاز التحكم وتسطحت فوق الفراش

تذمرت قائله: 

هى دى الرحله الممتعه اللى خططتِ لها يا سلوان آخرها معظم الوقت محبوسه فى أوضة الأوتيل مفيش غير ساعتين العصر بتنزلى تتمشى فى جنينة الأوتيل، كل ده بسبب فرم القطر شنطة الهدوم ومعاها شنطة ايدك، كويس إنه لقى بطاقتى الشخصيه الله أعلم لو مش وجودها كان زمانى فين، حتى روحت فرع البنك هنا عشان يطلعلى ڤيرا جديده قالى مش هطلع الڤيزا قبل خمستاشر يوم،

كويس إنى كنت محوله مبلغ  جزء من حجز الأوتيل،بس ده كمان مع الوقت قيمة الحجز هتخلص وممكن الاوتيل يطلب منى دفع جزء تاني هعمل أيه دلوقتي وهصرف منين أنا مش معايا أى فلوس حتى تمن تذكرة القطر عشان أرجع للـ القاهره من تاني، وحتى لما كلمت بابا من تليفون الاوتيل كل اللى على لسانه إنتِ فين، بس النظام ده يخنُق أنا بقيت حاسه إنى زى اللى فى سجن بيخرج ساعتين يشم هوا ويرجع تانى،أنا الصبح هكلم بابا وأقوله يحولي فلوس عالأوتيل هنا... بس أنا كدبت عليه وقولت له أن موبايلى ضاع دلوقتي  هقوله أيه كمان عالڤيزا لو قولت له اللى حصلي وإنى كان ممكن أدهس تحت عجلات القطر زى الشنط وقتها الله أعلم برد فعله، هو سبق وحذرني من السفر لهنا قبل كده رغم إنى قولت له قبل كده نفسي أزور الاقصر بس هو كان بيمانع معرفش السبب، وأهو أول خطوه ليا فى الاقصر لو مش... 


توقفت  عن حديثها مع نفسها تذكرت ذالك الموقف وهى بين يدي ذالك الغريب لحظه بلحظه عقلها يُعيد ما حدث وتقاربه منها كذالك حين أمسك طرف وشاح رأسها يُخفي شعرها الذى شبه إنسدل خلف ظهرها وخصله منه تمردت فوق جبينها وفمها شعرت بيده التى أخفت تلك الخصله أسفل وشاح رأسها،وضعت يديها حول عضديها بمكان يديه اللتان أمسكها بهم شعرت بحراره تغزو جسدها شعور غريب عليها لأول مره تصادفه بحياتها،لا تفسير لديها لهذا الشعور،رغم أن وقتها كان عقلها فصل عن الإدراك لكن خزن عقلها كأنه شريط ڤيديو   تعجبت من ذالك  وقتها كانت بلا إدارك لكن فهمت ماحدث لها أنها

الذاكره البشريه أقوى من  أعظم ذاكره إليكترونيه فهي تُسجل ما يحدث دون ضغطة ذر إدخال المعلومات، تنهدت تستعجب من ذالك الشعور لديها تخيلت عصرًا أنها رأت ذالك الغريب بالفندق وأرادت النداء  عليه لكن صمتت لا تعرف بماذا تنادي عليه، وحين أقتربت من مكان تواجده بالفندق كأنه إختفى، زفرت نفسها وأغمضت عينيها تشعر بنبضات جديده على قلبها، ربما ذالك أثر ما حدث لها قبل يومين.

.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بغرفه صغيره بـ بيت مخصص للمُغتربات 

غرفه مُرفقه بحمام مناسب لها 

خرجت إيلاف من الحمام بيديها منشفه تُجفف بها وجهها، ثم وضعتها على أريكه صغيره بالغرفه وجذبت سِجادة صلاه  وفرشتها بإتجاه القِبله،

تنهدت ببسمه قائله: 

الست المُشرفه بتاع الدار رغم أن  شكلها قاسيه بس لما سألتها عن إتجاه القِبله قالتلى عليه، أما أصلى الفجر وبعدها أقرى ورد القرآن بتاع كل يوم. 


بعد قليل أغلقت المصحف، نهضت من فوق سجادة الصلاه،وضعت المصحف على طاوله جوار الفراش،ثم فتحت شباك الغرفه تنفست تلك النسمه الصباحيه العليله والمنعشه بهواء شبه بارد لكن بنفس الوقت شعرت بوخز بسيط فى عينيها كآن بعض الرمال الناعمه دخلت الى عينيها،ورابت الشباك وعادت نحو المرآه وتنظر لإنعكاس عينيها لكن كما خمنت السبب، دخول بعض الرمال الناعمه لعينيها، 

لحظات وينتهى هذا الوخز،لكن بنفس اللحظه صدح رنين هاتفها،إبتسمت وهى تعلم من التى تتصل عليها بهذا الوقت،جذبت هاتفها وقامت بالرد:

صباح الخير يا ماما،لازم كل يوم تتصلي عليا بعد العشا  بعد الفجر مباشرةً...وتتأكدي إن كنت صليت الفجر أو لاء.


ردت والداتها:

فى صلاة الفجر بركه كبيره يا بنتِ،ربنا يبعد عنك كل شر.


آمنت إيلاف على دعاء والداتها قائله:

والله أنا بقالى تلات أيام هنا فى الاقصر معاملة الناس هنا كويسه جدًا،ناس طيبين،يعنى متقلقيش أنا هنا فى أمان،عكس اللى كنا بنسمعه عن أهل الصعيد وتشددهم ومشكلة التار اللى منتشره بينهم.


تنهدت والداتها قائله:

بلاش تآمنى ولا تحكمي عالناس بسرعه كده،مفيش دخان من غير نار.


تنهدت إيلاف قائله:

إنتِ عارفه انى مش باخد عالناس بسرعه بس ده اللى لغاية دلوقتي شيفاه عالعموم أنا لسه فى الاول وصعب أحكم على شئ هنا،بس بتمنى يفضل الوضع كده هادي،أنا من المستشفى لـ دار المغتربات ماليش أختلاطات بحد غريب .


آمنت والداتها على أمنيتها،تشعر بغصه فى قلبها تعلم سبب أن من صفات إيلاف الإنزواء عن البشر خشية أن تسمع كلمه تجرح شعورها،لكن قالت:

ومديرة الدار بتعاملك لسه بنشوفيه. 


ردت إيلاف: 

هى واضح أنها ست مش بتحب الأستهتار حتى قالتلى اما يبقى ليا نبطشيات ليل فى المستشفى  أبقى أقولها تصوري يا ماما طالبه منى تقرير من المستشفى بأيام نبطشيات الليل بتاعتى، شكلها  ست قويه حتى سمعتها إمبارح بتزعق مع بنت وقالت لها تخلي أوضتها بسبب تأخيرها وانها كدابه مش بتتأخر فى شغلها. 


ردت والدة إيلاف: 

وهى مالها بمواعيد شغلها. 


ردت إيلاف: 

خايفه على سمعة الدار، وكمان لاحظت أنها بتخاف عالبنات أوي، وكمان شوفتها بتقعد مع بعض البنات كأنهم اصحابها، أنا زى ما قولتلك فى حالي. 


بعد قليل قبل خروج  إيلاف من دار المغتربات  قابلتها مديرة الدار قائله: 

كنت لسه هطلع لك أوضتك، كويس إتقابلنا قبل ما تخرجي من الدار، أنا لاحظت إنك بتخرجي الصبح وبترجعى العشا تقريبًا،إنتِ مش ليكِ مواعيد محدده فى المستشفى.


ردت إيلاف:

هو المفروض ليا ورديات معينه بس أنا لسه جايه جديده غير كمان وجودي فى المستشفى يعتبر عمل إنساني،حضرتك عارفه مستشفيات الحكومه الدكاتره بتهرب منها وبصفتى غريبه عن هنا بحاول أشغل وقتى وأفضل فى المستشفى أهو يمكن أتسبب فى إنقاذ مريض محتاج إستشاره طِبيه ومش قادر على فيزيتا عياده لدكتور.


إبتسمت مديرة الدار بإنشراح وشعرت بألفه خاثه إتجاه إيلاف قائله:

تمام،بس متنسيش أبقى هاتيلى من المستشفى تقرير بأيام النبطشيات الليله بتاعتك عشان الدار ليها نظام،فى هنا ممرضات انا طلبت منهم مواعيد نبطشياتهم،عشان باب الدار بيتقفل بعد الساعه عشره بالليل،بس إستثناء للى بيقدموا تقارير أن مواعيد شغلهم ممكن تبقى ليليه،أنا بدي للمشرفه خبر تستنى لحد ما يرجعوا عشان تفتح لهم باب الدار،وده بس للى بيقدم تقرير،لكن اللى بتدلع وتفكر إن ده تدخل مني فى شؤنها تقدر تشوف لنفسها شقه خاصه أو أوتيل،إحنا هنا دار مغتربات وملتزمين بالقوانين وقبل القوانين الأخلاق المحترمه.


إبتسمت إيلاف قائله:

حاضر هجيبلك تقرير من المستشفى بمواعيد نبطشياتي الليله.


إبتسمت لها مديرة الدار برحابه قائله:

تمام،إتفضلى روحي لشغلك وربنا يوفقك.


إبتسمت إيلاف وغادرت،إبتسمت من خلفها مديره الدار بتنهيد قائله:

واضح إن زى ما إتقالي عليها،محترمه ومؤدبه،شكلها تستاهل التوصيه من عم "بليغ"، ربنا يحرسك يا بتِ من كل شر. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ.........  

منزل صلاح 

غرفة جاويد

لم يُكمل إرتداء بقية ثيابه وفتح درج بمرآة الزينه  وجذب تلك البطاقه الإتمانيه،وإبتسم وهو يتذكر بالأمس حين رأى سلوان بحديقة الفندق هو منذ يومين يراقبها عن كثب،رغم أنها لا تخرج من غرفتها الأ بعد العصر،وتظل قليلًا  بحديقة الفندق او تسير بمكان قريب من الفندق ثم تعود له وتذهب الى غرفتها ولا تغادرها،لاحظ أيضًا أنها ترتدى نفس الثياب التى كانت بها تلك الليلة ، أجزم ان ربما ذالك  بسبب، حقيبتب ثيابها ويدها اللتان  أندهسا اسفل عجلات القطار، تذكر أيضًا أن من عثر على تلك البطاقه الإئتمانيه هو" بليغ" وأعطاها له كي يعطيها لها بالفندق الذى أوصلها له، بالفعل بالغد كاد أن يعطي لها تلك البطاقه لكن آتى له إتصال هام وغادر سريعًا من الفندق، لكن اليوم لن ينتظر الى أن تخرج الى حديقة الفندق عصرًا. 

.... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد قليل 

بالحديقه التى تتوسط بين منزلي، صلاح وصالح

أثناء خروج جاويد من المنزل توقف جوار سيارته حين رأى دخول مِسك الى المنزل 

إبتسم حين إقتربت منه قائله بإنشراح:

صباح الخير يا جاويد.


رد عليها الصباح مُبتسمًا.


إنشرح قلب مِسك أكثر قائله:

أنا جايه عشان أخد حفصه وننزل الأقصر نشتري شوية طلبات ومستلزمات عشان كتب الكتاب،وكمان نشتري لينا فستانين حلوين.


رد جاويد بمجامله بريئه:

إنتم مش محتاجين فساتين حلوه إنتم تزينوا أى فستان،عالعموم،حفصه تلاجيها بتشيل مع ماما الفطور،أدخلى ليها لأنها بتاخد وجت على ما تجهز.


كاد قلب مِسك ان يخرج من صدرها من كلمة جاويد البريئه وقالت بإنشراح قلب:

ما هو ده السبب إنى جيت النهارده جبل كتب الكتاب بكام يوم عشان عارفه حفصه صعب تعچبها حاجه،عشان يبجى فى وجت لو معجبهاش فستان چاهز نلحق نفصل فستان على ذوجها.


إبتسم جاويد وهو يفتح باب سيارته قائلًا:

عارف حفصه هى كده دايمًا متردده وفى الآخر بترجع لاول شئ،عالعموم،عجبالك إنتِ كمان يا مِسك جريب إن شاء الله،أو أجولك يارب تبحي صُحبه مع  حفصه،يلا أنا لازمن أمشى عندي ميعاد مهم.


قاد جاويد السياره مُغادرًا، ومازالت  مِسك سارحه  تنظر  الى سيارة جاويد أن غاب عن رؤية عينيها...تشعر بسعاده بالغه،ظنت نهاية حديث  أنه  تلميح منه،تنهدت بإنشراح،هامسه:

شكل عمل المحبه هيچيب مفعول،وجاويد هينطج(هينطق) أخيرًا ويجول عاوز مِسك تبجى مرتي.


لكن سُرعان ما سأم وجه مِسك حين رأت إقتراب زاهر من مكان وقوفها  تجاهلته وسارت بخطوات  سريعه نحو منزل صلاح،غير آبهه حتى بنداؤه عليها لا تود إفساد مزاجها بعد حديث جاويد معها الذى ادخل أمل سعيد بقلبها.    

.... ـــــــــــــــــــــــــ

بالقاهره بشقة هاشم 

دخلت دولت الى المطبخ قائله:

برضوا بتشرب قهوه عالريق،بقالك أكتر من يومين مش بتنام ساعتين على بعض مش عارفه سبب لقلقك ده؟.


نظر هاشم لها بآستغراب قائلًا بذم:

وعاوزاني أنام براحه وأنا معرفش بنتِ فين؟


تنهدت دولت قائله:

مش إتصلت علي التليفون الأرضى للبيت  كذا مره وطمنتك عليها يبقى لازمته أيه القلق الزايد ده.


تنرفز هاشم قائلًا:

أيوه أتصلت وطمنتنى انها بخير وقالت أن موبايلها ضاع منها،بس لما سألتها هى فين توهت فى الكلام،


بنفس اللحظه بالأقصر

بالفندق 

جذبت سلوان الهاتف الارضى الذى بالغرفه وطلبت من الاستقبال الأتصال برقم أعطته له،وإنتظرت لدقائق تُزفر نفسها بلوم قائله:

معرفشى كان عقلك فين يا سلوان حتى كنت لبستي أى خاتم او سلسله دهب من بتوعك كان سهل تتصرفى وتبيعها وبتمنها حتى تشتري تذكره للرجوع للقاهره،لكن كنتِ بتسحبى زى الحراميه وإنتِ طالعه من الشقه،مفيش معايا غير السلسه الصغيره اللى فى صدري دى ودى مستحيل أبيعها دى آخر تذكار ليا من ماما.


بنفس اللحظه صدح الهاتف الارضي رفعت السماعه سريعًا،سمعت صوت زوجة أبيها شعرت بضيق قائله:

أنا سلوان ممكن تديني بابا.


ردت دولت برياء تدعى اللهفه الكاذبه:

سلوان إنتِ فين.


خطف هاشم سماعة الهاتف من يد دولت حين سمعها تقول سلوان،وقام بالرد عليها متسألًا:

إنتِ فين يا سلوان؟


ردت سلوان:

أنا بخير يا بابا إطمن وكنت متصله عليك عشان.


قاطعها هاشم بلهفه قائلًا:

عشان أيه  عشان تطمنى أبوكِ المغفل،اللى سافرتى من غير ما تاخدى الاذن منه،كأنى مش موجود،قولى لى إنتِ فين.


شعرت سلوان بفداحة ما فعلته وقالت بحياء:

أنا آسفه يا بابا،أنا كنت هقول لحضرتك،بس خوفت ترفض إنى أسافر،وكمان أنا سافرت عشان أسيبلك الشقه مع طنط دولت إنتم عرسان جداد.


زفر هاشم نفسه بغضب قائلًا:

عذر أقبح من ذنب يا سلوان،أنا طول عمرى كان عندي ثقة فيكِ بس سفرك بالشكل ده بدون ما تقولى لى فقدتى ثقتى،قولى لى إنتِ فين.


ردت سلوان بتبرير:

انا مش اول مره أسافر 

حضرتم عارف إنى سافرت قبل كده كذه مره لوحدي.


تنهد هاشم بغضب:

كنت ببقى عارف إنتِ رايحه فين وبوصلك بنفسى للطياره،لكن المره دى أتفاجئ  إن بنتِ مش فى الشقه وأتصل على موبايلها مش بترد ولما ردت بهد نص الليل تقولى أنا سافرت حتى مقالتليش هى فين،قولى إنت فين؟.


ردت سلوان:

بابا أنا بتصل عليك عشان كده،أنا محتاجه تحولي فلوس عشان أرجع للقاهره تاني.


تعجب هاشم قائلًا:.أحولك فلوس ليه والكريديت بتاعك فين؟


ردت سلوان:.الكريديت بتاعي ضاع مني ومكنش معايا اى فلوس سايله.


تسأل هاشم بشعر بشعور سئ:

الكريديت والموبايل الإتنين ضاعوا منك إزاي.


توترت سلوان بماذا تُجيب على والداها،وأغلقت الهاتف بلحظة خطأ منها.

........ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالفندق 

إتخذ جاويد القرار ولا تراجع، 

وقف أمام موظف الأستقبال قائلًا:

من فضلك عاوز أتصل على أوضة نزيله هنا فى الفندق.


تسأل الموظف قائلًا:

أوضه رقم كام حضرتك.


أعطى جاويد رقم الغرفه للموظف الذى سُرعان ما أستجاب وأتصل على هاتف الغرفه


ردت سلوان سريعًا:

أيوا يا بابا  ...لكن شعرت بحياء حين تحدث لها موظف الاستقبال بالفندق وأخبرها أن هنالك شخص يود الحديث إليها،فى البدايه تعجبت فهى لا تعرف أحد هنا لكن الفضول جعلها تسمح له أن يعطى له الهاتف.


رد جاويد:

أنا آسف حضرتك أنا اللى وصلتك للفندق قبل يومين.


تنهدت سلوان وتذكرته سريعًا قائله:.آه أهلاً وسهلًا..خير.


رد جاويد:

خير،حضرتك فى ليكِ أمانه معايا ممكن نتقابل عشان تاخديها.


تعجبت سلوان عن أى أمانه يتحدث،لكن قالت:

تمام عشر دقايق وأكون فى لوبي الاوتيل.


اعطى جاويد سماعة الهاتف الى موظف الفندق مبتسمًا...وظل واقفًا مكانه يترقب حضورها.


بينما سلوان كادت ان تخرج من باب الغرفه،لكن صدح الهاتف الأرضى،ذهبت ترد عليه سريعًا،سمعت صوت والداها قائلًا بتهجم:

قفلتى الخط ليه،قوليلى إنتِ فين؟.


ردت سلوان:

أنا فى الأقصر يا بابا ومحتاجه تحولى فلوس.


صدمه بل صاعقه ضربت قلبه،ظل للحظات صامتًا قبل أن يقول:

إرجعى للقاهرع فورًا.


ردت سلوان:

مش هعرف مش معايا حتى تمن تذكرة القطر،عشان كده بقولك حولى فلوس.


تنهد هاشم بغضب قائلًا:

لأ مش هحولك فلوس،خدى عربيه خاصه من الأقصر وإرجعى القاهره ولما توصلى انا هحاسب صاحب العربيه،بس ممنوع تفضلى عندك،فهمتي.


تنهدت سلوان قائله بإستسلام:.تمام يا بابا.


قالت سلوان هذا وأغلقت الهاتف تشعر بغصه،أرادت رد آخر من والداها ان يُرسل لها المال دون تحكم منه،تدمعت عينيها للحظات،لكن تذكرت حديثها مع ذالك الغريب،أرادت معرفة ما هى تلك الامانه الخاصه بها،حسمت أمرها بالنزول ومعرفة الامر ثم بعدها،ستطلب من الفندق إغلاق حسابها وتعود للقاهره مره أخري،غادرت الغرفه.   

..... ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالأستقبال 

إنشرح جاويد  حين رأى سلوان  تقترب من مكان وقوفه، كانت كل خطوه تسيرها يشعر بخفقان يزداد فى قلبه، كذالك هى تشعر بنفس الخفقان الى أن أقتربت من مكان وقوفه، رسمت بسمه قائله: 

آسفه  أتأخرت عليك بس كان معايا مكالمه مهمه، خير، أيه هى الامانه اللى تخصنى. 


إبتسم جاويد قائلًا: 

أنا اللى متأسف إنى أزعجتك، بس الامانه اللى معايا أكيد  مهمه ليكِ. 


وضع جاويد يده بجيبه وأخرج تلك البطاقه ومد يده بها لـ سلوان قائلًا: 

الكريديت دى أكيد بتاعتك،عم بليغ لقاها بين قُضبان القطر وإدهالى عشان أجيبها ليكِ.


بدهشه مدت سلوان يدها وأخذت البطاقه منه قائله:

فعلاً الكريديت دى مهمه جدًا ليا وجت فى وقتها المناسب،أنا بشكرك جدًا وكمان عاوزه أشكر عم بليغ وأرجع له الچاكت بتاعه،بس معرفش اوصله إزاي.


رد جاويد يشعر بإنشراح فى قلبه بسبب بسمة سلوان الصافيه:

الچاكت بتاعي مش بتاع عم بليغ. 


إبتسمت سلوان قائله: 

تمام ممكن تستناني  خمس دقايق  هطلع أجيبه من ألاوضه وانزل بسرعه.


أومأ جاويد لها رأسه، ود لو يقول لها سأنتظرك الباقى من عمري،لكن لا تتأخري. 

.....

بينما هاشم       

عاود الإتصال مرات على رقم الهاتف التى إتصلت منه سلوان، يتنهد بإستجداء قائلاً: 

ردى يا سلوان. 


بينما دخلت دولت عليه مُتعجبه من منظره وجهه الموجوم كذالك من محاولات إتصاله التى لا رد عليها، فقالت: 

فى أيه هاشم ، مش خلاص عرفت مكان سلوان، هى يومين هتتفسح فى الأقصر هتروق  مزاجها وترجع لهنا تاني. 


نظر لها هاشم بتعسف وبعقله يتردد قول تلك المُنجمه التى قابلها قبل سنوات بالاقصر: 

إرحل ببتك من إهنه، وحاذر بتك ترچع تاني لإهنه إن رچعت للـ الأقصر مره تانيه مهتعاوديش لك، دمها الفديه قُربان فك طلسم لعنة الماضي.

..... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


#الخامس

#شد_عصب«رسائل مطويه من الماضي» 

ــــــــــــــــــــــ

بالفندق

بغرفة سلوان

جلست على أحد المقاعد تتنهد براحه وهى تنظر الى تلك البطاقه الإئتمانيه الخاصه التى بيدها، بعد أن كانت قررت العوده إستجابه لآمر والدها أرجأت ذالك قررت البقاء لبضع أيام تسمتع بالتجول والتنزه بالأقصر، لكن قبل هذا عليها شراء بعض الثياب كذالك هاتف جديد، الآن لم يُعد المال عقبه أمامها،نهضت سريعًا حين سمعت رنين هاتف الغرفه،ردت مُبتسمه لكن سُرعان ما أختفت تلك البسمه حين سمعت حديث والداها المُتهجم والحاسم:

سلوان إرجعي للقاهره فورًا.


ردت سلوان بعناد:

لاء يا بابا أنا خلاص لقيت الكريديت بتاعتي هفضل هنا كم يوم أتفسح،وحتى كمان أسيبك مع عروستك تتهنى شويه أكيد وجودى معاكم فى نفس الشقه عامل ليها إحراج. 


زفر هاشم نفسه بغضب قائلًا: 

سلوان بلاش عِند وإرجعى فورًا والا رد فعلي قادر أرجعك لهنا تاني غصب. 


تنهدت سلوان بعِناد قائله: 

بابا قولتلك انه مش أول مره أسافر لمكان لوحدي، تفرق  أيه الأقصر عن سفري لأي مكان غيرها، معرفش سبب لرفضك المستمر عليها، بابا هو أسبوع وهرجع للقاهره.


قالت سلوان هذا وأغلقت الهاتف قبل أن تسمع رد والداها،التى لا تعلم سبب لتحكمه هذا،لكن تذكرت قائله:

أنا نسيت الشخص اللى جابلى الكريديت،زمانه أستغيبني  وأضايق أو مشي،عالعموم هاخد الچاكيت وأنزل ويارب يكون لسه موجود،أقل حاجه أشكره،بصراحه لولاه كان زماني هرجع تانى غصب للقاهره قبل ما أزور قبر ماما لأول مره فى حياتي.


بعد دقائق توجهت نحو المكان الذى كان ينتظرها به جاويد،لكن فى البدايه ظنت أنه غادر لكن شعرت بآنامل يد توضع  على كتفها بتردد.


إستدارت خلفها وسرعان ما إبتسمت له بأعتذار: 

آسفه أتأخرت علي ما نزلت بالچاكيت. 


إبتسامتها كأنها بنظره لها سحر خاص "فاتن" بالنسبه له،رد بإبتسامه:

فعلًا،أنا كنت إستغيبتك وكنت ماشي،بس جالى إتصال ووقفت أرد عليه شوفتك وإنتِ نازله على السلم،والچاكيت فى إيدك،فرجعت لهنا تاني.


قال هذا ومد يده كي يأخد منها المعطف الخاص به٠


تركته له بإبتسامه ثم مدت يدها الأخرى بذالك السوار الفضي قائله:

أنا كنت لقيت الأسوره دى فى جيب الجاكيت.


شعر جاويد بغصه قويه فى قلبه ومد يده وأخذ منها السوار،بلا حديث.


لم تلاحظ سلوان سأم وجهه،لكن قالت له:.

بصراحه أنا مش عارفه أشكرك على أيه ولا أيه،بسبب أنا لسه موجوده على قيد الحياه،وكمان بطاقتي والكريديت.


لمعت عين جاويد بنظره خاصه هو نفسه لايفهم تفسير لها قائلًا:

كل شئ له سبب،وأنا كنت سبب مش أكتر.


إبتسمت له قائله:

فعلًا كل شئ له سبب،وإنت السبب إنى هفضل هنا كام يوم فى الأقصر بعد خلاص ما كنت هرجع للقاهره من تانى،آجلت الرجوع وقررت أستمتع هنا بجمال الأقصر.


شعر جاويد بإنشراح فى صدره قائلًا:

متأكد الأقصر هتعجبك جدًا.


أكدت سلوان على قوله:

أكيد أنا كنت شوفت أماكن ومزارات عالنت قبل ما أجي،وكمان غير المعابد،قدامى أسبوع أستمتع بيه هنا وأشوف الاقصر كلها.


إبتسم جاويد لكن بنفس اللحظه جاء إليه فكره قائلًا:

بس أنا أقدر أخليكِ تشوفي الأقصر كلها فى ساعتين زمن.


تعجبت وهى تنظر له مُتسأله:. إزاي  ده بقى. 


قبل أن يرد جاويد صدح رنين هاتفه، أخرجه من جيبه  ونظر لشاشته ثم لـ سلوان قائلًا: 

مش هقدر أقولك إزاي دلوقتي، بس لو حابه وقلبك جامد نتقابل الساعه سته المغرب. 


للحظات ترددت سلوان وكادت ترفض لكن الفضول تملك منها غير أنها تشعر بالراحه النفسيه  إتجاه هذا الشخص الغريب والعجيب هذا الشعور لديها إتجاهه، بسبب ما قابلته سابقًا من إدعاءات وأكاذيب لبعض الاشخاص تدعى الإحترام وتُصدم بحقيقتها فيما بعد ، ترددت قليلًا لكن هنالك شعور آخر لا تعلمه يجذبها نحو هذا الشخص التى حتى لا تعرف إسمه،لكن ذلة لسان بدل أن ترفض،قبلت:

تمام هستناك هنا فى لوبي الاوتيل الساعه سته.  

  ..... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد قليل 

بالأقصر

بأحد محلات بيع الثياب 

وقفتا كل من حفصه ومِسك تتشاوران حول إنتقاء  بعض الثياب، اقنعت مِسك حفصه بأحد الثياب، رغم عدم إقتناع حفصه لكن وافقت مِسك فى تجربة إرتداء ذالك الطقم ورؤيته عليها كتجربه قبل الشراء 

أخذتا الأثنين الطقم وذهبتا الى مكان قياس الثياب،بنفس اللحظه صدح رنين هاتف مِسك،أخرجت الهاتف من حقيبة يدها ونظرت له ثم لـ حفصه قائله:

دى عمتك هرد عليها وإنتِ إدخلي إلبسي  الطقم  

دقيقه ورجعالكِ، هتشوفى ذوجي هيعجبك جوي. 


أومأت حفصه لها برأسها مُبتسمه تقول: 

سلمليلى على عمتي. 


تركت مِسك حفصه التى وقفت مخضوضه حين فُتح باب مكان القياس فجأه وكادت تتصادم مع فتاه،توقفت هى الاخرى بخضه لثوانى ثم تجاهلت حفصه ومرت من جوارها دون حديث،شعرت حفصه نحوها بضيق دون سبب او ربما أعتقدت ان عدم حديث الاخرى تعالي منها وهنالك سبب آخر أنها ترتدي زى مثل التى أختارته لها مِسك ويبدوا عليها أنيق للغايه هى تفوقها أنوثه بالهيكل الجسدي،قررت عدم قياس ذالك الطقم وعادت مره أخرى... تنظر نحو تلك الفتاه التى ذهبت ووقفت مع إحدى البائعات التى وقفت تمدح بمدى أناقة الزى عليها وجسدها الذى يُزينه برونق جذاب،تمدح أيضًا بذوقها الانيق فى إختيار ما يُلائم جسدها ، رأت إبتسامة الأخرى لها،حتى إبتسامتها جذابه،شعرت بغيره من تلك الفتاه لا تعرف لها سبب،

بينما الأخرى ردت على تسأول البائعه:

لأ مش من الأقصر أنا من القاهره أنا هنا سياحه.


إبتسمت لها البائعه بمجامله قائله:

خساره ياريتك من إهنه كنت خطبتك لاخويا بيشتغل محاسب فى مصنع الأشرف بتاع الخزف.


إبتسمت لها قائله:

ربنا يرزقه ببنت الحلال دلوقتي أنا عرفت إن المحل بيقبل الدفع بالڤيزا،الڤيزا بتاعتى أهى.


إبتسمت البائعه لها قائله:

تمام،إتفضلى أكتبى  الرقم السرى بتاعها.


ردت سلوان:تمام 


بعد قليل،آتت البائعه لها بمجموعه من الأكياس قائله:

إتفضلي تدوبيهم بعافية.


إبتسمت سلوان لها قائله:.هو مفيش هنا مكنة سحب فلوس عاوزه اسحب مبلغ من الڤيزا محتاجه له سايل معايا... وكمان محتاجه أشتري موبايل جديد اللى كان معايا ضاع. 


أرشدتها البائعه قائله:

فى جنبنا مباشرةً هنا محل بيع موبيلات وهتلاقي  كمان چنبيه مكنة سحب فلوس.


إبتسمت لها سلوان شاكره وتركتها لكن قبل خروجها من المحل،كادت تتصادم مع مِسك التى تجنبت منها لكن لفتت نظرها،وبعد ان كادت تصل الى مكان حفصه عادت سريعًا تنظر خارج المحل لكن لم ترى سلوان،وقفت تنظر بكل إتجاه بتأكيد،لكن هى أختفت،ربما ما رأته كان خيال،فتلك تُشبه كثيرًا صوره قديمه رأتها سابقًا    

.... ـــــــــــــــــــــــــــ

بحوالي  الرابعه والنصف عصرًا 

بالمشفى

اثناء سير إيلاف بممرات المشفى سمعت نداء عليها، نظرت خلفها ووقفت تنتظر مُبتسمه قائله:

عم بليغ. 


بعد لحظات أمامها  يلهث قليلًا قائلًا:

أزيك يا دكتوره إيلاف،كده برضوا نسيتي عمك بليغ جيت لهنا أكتر من مره عشان أغير عالجرح ومكنتش بعتر فيكِ،واللى كان بيغيرلى عالجرح الممرضات وايديهم تجيله جوي،ويفعصوا فى يدي.


إبتسمت له قائله:

أنا طول اليوم ببقى هنا فى المستشفى،بروح عالنوم بس،أكيد ببقى مشغوله مع مريض،بس كويس أهو النهارده عِترت عليا. 


مد يده  لها بموده بكيس ورقي قائلًا: 

ده من حظك الحلو وأنا چاي للمستشفى جابلني بياع "نبق" صابحين أوعي تكسفي يدي. 


إبتسمت له ومدت يدها أخذت إحدى الثمرات من الكيس  نزعت عنها القشره ثم وضعتها  بفمها مُستلذه قائله: 

لاء مش هكسف يدك أنا بحب "النبق" جدًا، ولو إديتنى الكيس كله هاخده.


مد يده به لها قائلًا:

يبجى الكيس كله من نصيبك.


إبتسمت له وشعرت بالحرج قائله:

أنا كنت بهزر.


إبتسم بليغ حين رأى إقتراب جواد من مكان وقوفهم قائلًا:

الدكتور جواد كمان بيحب "النبق".


إبتسم جواد وهو يقف جوار بليغ قائلًا:

أحلى وألذ "نبق"تاكليه من يد عم بليغ.


وضعت إيلاف ثمره أخرى بفمها قائله:

فعلاً طعمه لذيذ وصابح إتفضل.


إبتسم جواد ومد يده بالكيس أخذًا ثمره وضعها بفمه قائلًا:

بسرعه إتعرفتي على عم بليغ.


إبتسم بليغ قائلًا:

الدكتوره هى اللى خيطت لى يدي،وبصراحه هى أحن كتير من الممرضات اللى هنا،اللى ناجص يطردوني.


إبتسم جواد ينظر لـ إيلاف عيناه تلمع بشعور خاص،لكن شعر بالغيره حين تحدث بليغ بعفويه:.

الدكتوره إيلاف بلسم،ياريتها كانت جت لإهنه من زمان،جبل ما أشيب كنت جطفت لها"النبق"من عالشجر بيدي.


إبتسمت إيلاف تشعر بآلفه خاصه من هذا الرجل،بسمتها نغزت بقلب جواد وشعر بغِيره من طريقة تبادل الحديث الودى والمرح بين بليغ وبينها كآنهما يعرفان بعض منذ زمن، ود أن يخطفها من أمام بليغ أو يقوم بإبعاده عنها خشية شئ ما يشعر به، من نظرات الاعجاب التى بعين  إيلاف لـ بليغ. 


نظر بساعة يده قائلًا: 

أنا عندي عمليه جراحيه بعد نص ساعه، لو الدكتورع تحب تشارك فى العمليه. 


إبتسمت إيلاف بلهفه قائله:

عملية أيه؟.


رد جواد:

عملية قلب مفتوح لـ طفل صغير.


تعجبت إيلاف قائله:

هو النوع ده من العمليات بيتم هنا فى المستشفى دى.


رد جواد:

أيوا المستشفى فيها جزء صغير مخصص لجراحة القلب،بس طبعًا،الحجز بالأسبقيه او بالواسطى،بس ده طفل صغير ومحتاج تدخل سريع صدفه من كام يوم والده قابلنى على باب المستشفى وقالى إن المدير السابق عطاه ميعاد بعد أربع شهور،بس لما جابلى إبنه لقيت إنه محتاج تدخل سريع والإنتظار مش فى صالحهُ.


إبتسمت إيلاف له قائله: 

تمام أنا دى هتبقى أول عمليه أحضرها بعد التخرج.


إبتسم لها بليغ قائلًا:

ربنا يوفقكم ويجعل شفا الطفل ده على إيديكم،يلا هروح أشوف أى ممرضه تغيرلى عالجرح النهارده وأستحمل بقى.


إبتسمت إيلاف قائله:

هستناك بكره فى نفس الميعاد ده وأنا اللى هغيرلك عالجرح،بس إنت إدعي لي دى أول عمليه خطيره فى حياتى أشارك فيها وانا دكتوره مش طالبه.


إبتسم لها بليغ قائلًا:

ربنا هيوفقكم عشان قلوبكم الطيبه.


شعر جواد بغِيره لم يستطيع إخفائها قائلًا:

أظن الوقت لازم نتعقم عشان العمليه.


فهم بليغ نبرة صوت جواد إبتسم ساخرًا ماذا يظن به يعتقد أنه ينظر لـ إيلاف كـ حبيبه،هى فعلًا حبيبه،لكن كـ أب،لا حبيب.


بينما هى نظاراتها مختلفه لـ بليغ،وهذا ما يحز بقلب جواد،لا يعرف لما. 


إبتسم بليغ  وهو ينظر لسيرهم جوار بعضهما شعر من نظرات جواد لـ إيلاف أنه ربما هنالك مشاعر  خاصه تنمو إتجاه إيلاف،راهما متكافأن بشده لبعضهما، دخل الى قلبه أمنيه أن يرى هذان يومًا بزي عريس وعروس. 

......ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى السادسه  وعشر دقائق مساءً

إنشرح قلب جاويد حين رأى سلوان آتيه الى مكان الاستقبال بالفندق، رأى زيها الانيق المُلائم لها يبرز جمال جسدها بآناقه غير سافِره، مع ذالك ليس ضيق على جسدها هى ليست نحيفه ومع ذالك ليست سمينه،بجسد ممشوق.  


إبتسم جاويد  حين إقتربت منه سلوان ونظر لساعة يدهُ قائلًا بمزح: 

عشر دقايق  تأخير،الساعه سته وعشره 


إبتسمت له بمرح قائله: 

مفيش ست بتوصل فى ميعادها مظبوط. 


إبتسم لها قائلًا: 

الأعتراف بالحق فضيله...عالعموم خلينا نتحرك عشان الوقت.


إبتسمت له قائله:

بصراحه عندى فضول أعرف أزاي هشوف الاقصر كلها فى ساعتين،مفيش غير طريقه واحده وهى هليكوبتر.


إبتسم لها قائلًا:

تخمينك فيه جزء صح،بس مش هليكوبتر،حاجه مُشابه ليه، دقايق وهتعرفي.


أومأت له رأسها وسارت لجواره الى انا وصلا الى سيارته،صعدت لجواره،بعد دقائق أوقف السياره وترجل منها،يشير لها بالنزول هى الأخرى.


ترجلت من السياره تنظر نحو المكان قائله:

منتطاد... إزاي مجاش فى بالي، أنا شوفت ده وأنا بعمل سيرش عالنت عن الاقصر بس أنا... 


صمتت فجأه حين أصبح أمامها جاويد، لكن تسأل بفضول: 

بس إنتِ أيه، قلبك مش جامد. 


شعرت سلوان برجفه حاولت إخفائها قائله: 

قلبي جامد، بس الحكايه هنا مش حكاية قلب، أنا قريت عن حوادث كتير إن المنتطاد أوقات بيفرقع وهو فى السما. 


إبتسم جاويد  مُتفهمًا: 

قولتى أوقات يعنى مش دايمًا، دى حوادث  فرديه، وممكن تكون بسبب أن اللى بيوجه المنتطاد معندوش فكره عن طريقة التعامل معاه، عالعموم متخافيش، كل حاجه فى الحياه مُجازفه. 


تسألت برجفه: 

وأنت تعرف تتعامل مع المنتطاد كويس، أنا لسه من يومين بس كنت فى مواجهه مع موت مُحقق تحت عجلات القطر، مش يمكن عزرائيل مستنينى فوق. 


ضحك جاويد ومد يده لها قائلًا: 

متخافيش،  متأكد المجازفه مش هضرك بالعكس يمكن تجمد قلبك أكتر، الرؤيه من فوق شكل تاني،خلي عندك ثقه صدقينى وهتشوفي.


نظرت سلوان لـ يد جاويد المدوده للحظات تُفكر فى الهرب خشية ذالك الرهاب الذى لديها من الأماكن المرتفعه،كذالك رُهاب الأماكن الضيقه والمنتطاد حجمه يساع لإثنين فقط،لكن نبرة صوت جاويد الواثقه تجذبها للموافقه دون إراده منها،لا تعلم سبب لثقتها الزائده به،فكرت للحظات بالتراجُع والرفض،لكن حسها جاويد وهو مازال يمد يده لها قائلًا:

بلاش تفكري كتير،أوقات قرار مجنون فى لحظة تسرُع بيبقى وراه فوز ومتعه عظيمه.


لا تعرف كيف رفعت يدها ووضعتها بيد جاويد الذى سحبها للدخول الى المنتطاد وقام بتشغيله،شعرت بهزه قويه وكاد يختل توازنها لكن أطبقت يدها تتمسك بيد جاويد،وحرف المنتطاد، بسبب إندفاع المنتطاد الى الأعلى،إبتسم جاويد وشعر بلسعة كهرباء تمس قلبهُ مباشرةًبسبب برودة يدها التى بين يدهُ تحدث:

غريبه إيديك ساقعه كده ليه، مع إن الجو يميل للـ الحر أكتر من الخريف.


شعرت بخجل وسحبت يدها من يدهُ،مازالت تشعر برهبه من صعود ذالك المنتطاد لأعلى،نظرت الى تلك الشُعله الموجوده بالمنتطاد أسفل ذالك البالون الكبير الملون،شعرت بتوجس قائله:

بسمع دايمًا عن إن المنتطاد بيتحرق فى الجو.


ضحك جاويد قائلًا بتلاعُب:

فعلًا حصلت كذا حاله المنتطاد ولع وهو طاير فى الجو.


توجست سلوان ونظرت نحو الأرض قائله:

إحنا لسه قريبين من الأرض خلينا ننزل  أفضل.


لم يستطيع جاويد تمالك ضحكته قائلًا:

وليه تقدري البلا،إستمتعي بالنسمه اللطيفه والنضيفه اللى فوق فى الجو،ومتخافيش فى فى المنتطاد براشوت لو حصل حاجه نقدر نستعمله.


تهكمت قائله:

على إعتبار إن البارشوت هو كمان مش ممكن بسهوله يفرقع.


ضحك جاويد وحاول صرف نظرها حتى يُزيل ذالك الرُهاب الواضح على وجهها قائلًا: 

على فكره الأقصر من فوق غير،وبالذات فى الوقت ده من السنه الخريف له مذاق خاص هنا فى الاقصر،الجو بدأ يلطف بعد حر الصيف،كمان هتشوفى معبد الكرنك من فوق بمنظر تانى غير لو شوفتيه من عالارض هتقولى شوية أعمده خرسانيه صحيح مرسومه ومتنفذه بدقه وإبداع بس الابداع الحقيقى هتشوفيه من فوق مع الصوت والضوء اللى هيبدأوا دلوقتى،هتسمعى حكاية المكان بطريقه تحسسك إنك جوه قصه خياليه.


شعرت سلوان ببعض الهدوء وزالت جزء من تلك الرهبه وهى تنظر الى وجه جاويد الذى إنعكست تلك الشعله على وجهه،شعرت بتوهه قليلًا وهمست لنفسها:

والله أنا اللى حاسه إنى جوه قصه خياليه،لو حد بيحكيها لى كنت قولت عليه ساذج.


كذالك جاويد نظر لإنعكاس تلك الشُعله على وجه سلوان رأى عينيها التى تُشبه لون "الحِناء" التى تُشبه   لون  اوراق الشجر الخريف التى تميل الى درجات اللون البني الغامق...تذكر قول العرافه له قبل أيام،كم لام وذم نفسه سابقًا  على سمعهُ وتصديقه لحديثها،لو أخبره أحدًا بهذا سابقًا كان قال عليه أبله أو مغفل كيف يصدق بأقوال المنجمون

فهما صدقوا هم كاذبون،لكن الآن حتى الكذب يرى به شعور مُميز وهو برفقة تلك الجميله،بين السماء والأرض تبدأ حكاية عِشق بمكان هو منبع لخرافات العشق القديمه...بهذه الأرض عاشت"نفرتيتي "الجميلة الفرعونيه،وسلوان جميله آتت لتُحي قلب عاش يرفض الخرافات لكن  بين تلك الخرافات سقطت ورقة العشق . 


بعد وقت 

زالت الرهبه عن سلوان وبدأت تُخبر جاويد عن جمال حكايات المعابد هنا، لكن فجأه شعرت بنغزه قويه فى قلبها وهى تتذكر والداتها التى ترقُد بين الثرى بأحد البقاع هنا،لمعت عينيها بدمعه لاحظها جاويد وهى تضع يديها تُمسد على عينيها ظن أن ذالك بسبب قوة الهواء المتدافع طرف عينيها،الهواء،الذي بسببه كاد يتطاير وشاح رأسها أكثر من مره لولا إمساكها له بيديها حتى أن بعض خصلات من شعرها التى تُشبه لون عينيها، تطايرت خارج ذالك الوشاح،سار بداخله رغبه فى إمساك تلك الخصلات المتمرده يتنعم بملمسها الغجري بين آنامله،لكن سلوان كانت تحاول السيطره على تمردها بزجها أسفل وشاح رأسها الذى هو الآخر يتمرد لولا أن قامت بربط أطرافه ببعضها بإحكام حول رأسها.


مر الوقت سريعًا ووجب الهبوط بالمنتطاد بعد رحله إنتهت بـ سلام كما تنهدت سلوان براحه حين شعرت  بعوده رسو المنتطاد على الأرض مره أخرى،لكن التسرُع عيب فيها إكتشفه جاويد حين فتحت باب المنتطاد وخرجت منه قبل أن يتوقف وكادت تفقد توازنها مره أخرى لولا تشبثها بطرف باب المنتطاد،فى البدايه شعر جاويد باللهفه خشية أن يصيبها مكروه لكن تنهد براحه حين وقفت على الارض لكن مازالت تشعر بترنُح وهى تغمض عينيها تضع يديها حول رأسها،إبتسم قائلًا:

كان لازم تستني المنتطاد يوقف نهائيًا على الارض قبل ما تفتحي الباب وتنزلى منه،واضح إنك مُتسرعه. 


فتحت عينيها رغم شعورها بالدوخه قائله:

وعرفت منين بقى إنى متسرعه.


رد جاويد ببساطه:

 المره الأولى ليلة ما كنتِ هتقعي على محطة القطر ودي تانى مره برضوا نزلتي قبل المنتطاد ما يوقف عالأرض مش معنى أنه رسي عالأرض تنزلى فورًا منه.


مازالت تشعر بالدوخه لكن كابرت قائله:

عادي جدًا،ده مش تسرع منى،انا ليلة القطر إتأخرت فى النزول ولما نزلت كان القطر بدأ يتحرك،ودلوقتي فكرت طالما وصل المنتطاد الأرض يبقى عادي أنزل منه.


إبتسم جاويد يعلم انه تُكابر كي تظهر غير متسرعه،لكن  سلوان  نظرت بغيظ من بسمته التى تعلم مغزاها قائله:

بتضحك على أيه،أنا فعلًا مش مُتسرعه دى صدف.


إبتسم جاويد بمهاوده قائلًا:

تمام،فى مطعم كويس قريب من المكان لو معندكيش مانع ممكن تقبلي عزومتي عالعشا.


ترددت سلوان كثيرًا قائله:

لاء،مش هقدر أقبل عزومتك عالعشا لان الوقت خلاص قربنا عالساعه تسعه ونص ولازم أرجع للاوتيل.


إبتسم جاويد قائلًا:

تمام،إتفضلي خلينى أوصلك للاوتيل.


أومأت له برأسها وسارت أمامه الى ان وصلا الى مكان ركن السياره صعدت خلفه وجلست جواره،لكن حل الصمت لوقت قبل أن تتنحنح سلوان متسأله:.

بصراحه أنا نسيت أسألك على إسمك... أنا أسمي سلوان. 


نظر جاويد لها قائلًا:

عارف إسمك من قبل كده.


للحظه تعجبت،متسأله:

وعرفته منين بقى؟!.


للحظه كاد يُخبرها جاويد أنه يعرف إسمها من قبل أن يتقابل معها لكن قال:

من بطاقتك الشخصيه وكمان الكريديت.


شعرت سلوان بإحراج قائله:

آه آسفه نسيت،وكمان نسيت أشكرك على إنقاذك ليا ليلة القطر،ولو مش مسكتنى يمكن كان محدش قدر يتعرفلى على ملامح.


نظر لها جاويد مُبتسمًا وهمس لنفسه:بعيد الشر.


لكن قال لها بتواضع:

العفو أى حد كان ممكن يكون  مكاني وجودي كان سبب مش أكتر.


إبتسمت سلوان له قائله:

على فكره نسيت تقولى إسمك وكمان عندي سؤال تاني تقدر تعتبره فضول مني،إنت بتشتغل فى السياحه،مُرشد سياحي مثلًا.  


إبتسم جاويد قائلًا:

فعلًا بشتغل فى السياحه بس مش مُرشد سياحي.


تعجبت سلوان قائله:

غريبه مع إن عندك معلومات كتير عن الاقصر.


إبتسم جاويد قائلًا:

عادي أعرف  المعلومات دى، أنا عِشت هنا معظم حياتى.


إبتسمت سلوان قائله:

نسيت تقولى إسمك أيه؟.


إبتسم جاويد قائلًا:

إسمي"جلال صلاح".


إبتسمت سلوان قائله:

يعنى الاسم اللى محفور فى الأسوره هو إسمك.


غص قلب جاويد صامتًا...للحظات ثم أومأ برأسه.


تنهدت سلوان حين توقف جاويد بالسياره قائله:

وصلنا للفندق مره تانيه بشكرك كانت رحلة المنتطاد فعلًا ممتعه،بس متمناش أعيدها تاني.


إبتسم جاويد قائلًا:

عالعموم إنتِ شوفتي الأقصر من فوق لسه مشوفتهاش من تحت،لما تشوفي الاتنين وقتها هتقررى الأفضل وأعتقد هتختاري تشوفيها مره تانيه من فوق.


إبتسمت سلوان قائله:

ممكن ليه لاؤ،عالعموم مره تانيه شكرًا،تصبح على خير.


إبتسم جاويد وهو يقف أمام سيارته ينظر لدخول سلوان التى إستدارت تنظر له قبل دخولها من باب  الفندق الداخلى وأشارت له باصابع يدها، بـ سلام. 


أشار لها هو الأخر بشعر بخواء، يتمنى ان تعود مره أخرى، ظل واقفًا على أمل واهى وتذكر  حين تعمد النظر ليديها سابقًا 

يديها  الأثنين كانتا خاليتين من أى مصوغات تُثبت أنها مرتبطه، لكن حتى هذا ليس دليل قاطع فبعض الفتيات تكون مرتبطه لا ترتدين المصوغات حرصًا أو لأسباب خاصه لديها،شعر بغصه وتسأل هل هى مُرتبطه،أم لا؟ عليه معرفة ذالك. 

...... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالمشفى

بعد وقت طويل 

خرج جواد من غرفة العمليات وأستقبل لهفة والدا ذالك الطفل ببسمه قائلًا:

إطمنوا يا جماعه الحمد لله العمليه مرت بخير وزرعنا الدُعامه ومحصلش أى مضاعفات أثناء العمليه،واضح أن إبنكم بطل.


إبتسمت والدة الطفل قائله:

كتر خيرك يا دكتور جوزي جالي إنك اللى إتبرعت بمصاريف العمليه كلها،ربنا يعمر بيتك ويزيدك من فضله،لولاك كان زمان ولدي منتظر دور فى كشف العمليات.


إبتسم لها جواد قائلًا:

الشكر لله يا ست وربنا يكمل شفاه على خير ويجوم يرمح كيف الخيل،هو دلوك هيطلع عالعنايه المركزه،مالوش لازمه وجوفكم إهنه،هو شخص واحد اللى هيبجى مرافج له.


فى نفس الوقت كانت تخرج إيلاف من غرفة العمليات وسمعت حديث والدة الطفل لـ جواد،شعرت بشعور خاص فسرته على أنه إعجاب بإنسانية جواد،وسارت بعيدًا لم ترى عيني جواد التى ذهبت خلفها،إستأذن من أهل الطفل وذهب خلفها بخطوات سريعه حتى توقفت حين سمعت نداؤه بإسمها.


إبتسم حين اصبح امامها قائلًا:

بشكرك يا دكتوره،بصراحه ساعدتيني كتير وإحنا فى أوضة العمليات،واضح إنك هتبقى دكتوره جراحة قلب شاطره.


إبتسمت إيلاف قائله:

بالعكس أنا كنت بتعلم من حضرتك...واضح إنك دكتور مُتمرس فى جراحة القلب.


إبتسم جواد قائلًا:

بصراحه أنا شاركت مع الدكتور"مجدي يعقوب"قبل كده فى كذا عمليه واتعلمت منه وأهو بحاول اساهم فى نزع الالم على قد ما أقدر.


إبتسمت له إيلاف،لكن قبل أن تتحدث صدح رنين هاتفها،أخرجته من جيب معطفها قائله:

يا دوب فتحت الموبايل ورن،أكيد دى ماما اللى بتتصل،عن إذنك هروح أكلمها من أوضتي.


إبتسم جواد له يومئ برأسه،تنهد بعد ان ذهبت وضع يده على قلبه قائلًا:.واضح إن دكتور القلب هيحتاج إستشاره خاصه قريب من الدكتوره

"إيلاف حامد التقي".   


...... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منزل مؤنس

فتح ضلفة الدولاب وأخرج ذالك الصندوق الصغير 

وضعه على الفراش أمامه بقلب مُنفطر تردد كثيرًا قبل أن يفتحه 

لكن حسم أمرهُ وفتحه 

ليرى كم كبير من الرسائل مطويه 

شعر بآسى ودموع فرت هاربه من بين أهدابه

دموع حسره وندم وهو يضع يديه بين تلك الرسائل المطويه التى لم تُفتح من قبل

مد يده وأخذ  إحدى الرسائل قربها من أنفه يستنشق عبق ماضي أليم،يديه قامت بنزع جزء صغير من المظروف وأخرج الرساله التى كانت بداخله فتح طياتها وبدأ بقرائتها بدموع

"أبوي أنا مبسوطه جوي مع"هاشم"هاشم حنين جوي يا أبوي مش كيف ما جولتلى عليه مع الوجت هيزهج منيكِ،بالعكس يا أبوي،ده مع الوقت حبي فى جلبه عيزيد،فى خبر يا أبوي كنت عاوزه أجوله له وعارفه إنك هتفرح جوي،أنا"حِبله" وهاشم لما عرف مش عاوزنى اشيل الياسمينه من عالأرض،أنا حاسه إنى حبله فى بنت،وإن شاء الله هسميها"سلوان"كيف ما كنت رايد تسميني يا أبوي بس چدتي هى اللى سمتني'مِسك'،انا سعيده يا أبوي مش ناجصني غير رضاك عني". 


وضع الرساله وجذب رساله أخري 

يقرأها بقلب موجوع

"النهارده يا أبوي سلوان كملت سنه،دى شجيه(شقيه) جوي يا أبوي وعنيده فيها شبه كتير مني ومن چدتى حتى ورثت الشامه اللى  كانت على خد جدتى الله يرحمه، وخدودها حمره شبه توت

'خد الچميل'انا بعت لك صوره ليها فى الجواب." 


ورساله أخرى وأخرى وأخرى بدأ يقرأها كانت تُرسل له رسائل كل شهر الكِبر والغضب أعمى قلبه عن قراءة تلك الرسائل بوقتها، كانت تُخبره كم هى سعيده لكن عدم رده على رسائلها يغص قلبها يُنقص من سعادتها، وقعت عيناه يقرأ هذا السطر بقلب باكِ

"أنا عارفه  يا أبوي إنك مش هتقرى رسالتى زى بجية الرسايل اللى بعتها جبل إكده، بس انا مش هيأس يا ابوي وهفضل أبعتلك رسايل لحد آخر يوم فى عمري،آه نسيت اجولك إن سلوان دخلت المدرسه وشافت صورتك وأنت فى المعبد وجالتلى ان نفسها تزور الأقصر وتشوفك، أنا بحكي ليها عنك كتير يا أبوي."

ورساله أخري تبدوا مثل رسالة  قرأ أسطُرها كأنها كانت رسالة وداع منها قرأ آخر سطر باكيًا بشده

"سلوان،بتِ يا أبوي لو چرالي حاجه إبجى أسأل عليها من بعدي'  


طوى الرساله مره أخرى ووضعها مع الرسائل 

تبوح الدموع بندم كيف قسى قلبه يومًا، لماذا لم يبحث عن تلك الفتاه الصغيره التى كانت بالمقابر تنظر له يوم دفن جثمان"مِسك"

تذكر نظرة عينيها كأنها خائفه أن تقترب منه،توارت خلف جسد والداها باكيه تسأل بعقل طفله لما أغلقوا ذالك المكان الموحش الضيق على جسد والداتها وتركوها وغادروا 

حين تصحوا ستخاف من الظلام،ولا جواب لسؤالها 

ترك هاشم يأخذها ويرحل وتنقطع ذكري 

مُدللته الذى قسى عليها لم يتبقى منها سوا إبنتها وبعض الرسائل المطويه من الماضى.  

ــــــــــــــــــــــــــ.....

الروايه  لسه هتبدأ، كل اللى فات كان تمهيد 


للحكايه بقيه.

إرسال تعليق

أحدث أقدم