دكتور_النسا_وحرمه_المصون
الفصل_الأول حتي الخامس والاخير
بقلم آيه محمد رفعت
توقف المصعد أمام الطابق المختار، فما أن فتح بابه حتى خرجت بخطواتها المندفعة تجاه اللافتة البيضاء المنيرة بإسم "مركز الحياة للنسا والتوليد"، وأسفله دكتور/عنان جمال، دكتور/حياة سيف....
قرأتهما بعينين تشعان شرار وغيرة قاتلة، فولجت للداخل تتفحص بحدقتيها المكان جيداً، كان المكان ضخم للغاية، يملأه المقاعد المريحة بإستقبال النساء الحوامل، فكانت الردهة مقسمة على ثلاثٍ أقسام، قسم الجراحة والأخر خاص بالدكتورة المضاف إسمها للافتة التي قرأتها بالخارج، أما الجهة الأخيرة فكانت تلمع بإسمه، ضيقت عينيها بتفكيرٍ وهي تحدد إلى اي وجهة تسلك، طريق غرفة زوجها الذي منحها من زيارة المركز منذ حملها حتى شهرها الأخير مقتصراً على كشفه وفحوصاته المنزلية لها، أم تتجه للجهة الأخرى حتى تسنح لها الفرصة لرؤية تلك التي تدعى"حياة"، حسمت" إسراء" قرارها بالدخولٍ لتلك الطبيبة أولاً، لترى بذاتها إي جمالٍ تمتلكه حتى يعزها زوجها هكذا لدرجة إنه منحه لعيادته، حتى كلما استعلمت عنها كان يغضب عليها ويخبرها بأنها معه منذ سنوات طويلة، ويحمل لها معزة لن يتمكن من وصفها لها، إتجهت "إسراء" تجاه الممرضة التي تدون أسماء النساء الخاصة بغرفة كشف د/حياة، فتنحنحت بخفوتٍ حتى تلاحظ وقوفها أمام مكتبها:
_لو سمحتي يا أخت....
رفعت الممرضة عينيها وهي تعدل من وضع نظاراتها على عينيهاٍ لتنظر لمن تتحدث معها هكذا، فقالت بثباتٍ إنفعالي:
_إتفضلي يا لوزة، أمرك...
رفعت "إسراء" حاجبيها بسخطٍ وهي تشير لها بسخريةٍ:
_أيه لوزة دي جاية أعمل حواجبي ولا أشترى طقم!.... طيب مالقيش عندكم أبرة وخيط لزوم القيصرية؟...
لوت الممرضة شفتيها بتذمرٍ لتلك المرأة التي ستخرجها عن شعورها فقالت ببسمة رسمتها بصعوبةٍ بالغة:
_لا طبعاً، حقك عليا إتفضلي طلباتك أيه؟...
خبطت على المكتب بضيقٍ:
_ما تفوقي معايا كدا يا مزمزيل جاية عيادة نسا وتوليد وبطني مكعبرة قدامي شبرين تلاتة هيكون طلباتي أيه؟! ، أستغفر الله العظيم بدأت أخرج عن شعوري..
خرجت الممرضة عن نطاقٍ تحملها فقالت وهي تخرج كراسة متابعة الحمل من جوارها لتنهي هذا الحوار الذي لا يجديه المرح ولا قليلاً:
_اسمك وسنك وعنوانك يا مدام....
لوحت لها "اسراء" بيدها:
_ليه هتطلعلي بطاقة؟....
وضعت القلم عن يديها وهي تهمس بخفوتٍ:
_وبعدين بقى، الله يكرمك تنجزي عشان أدخل للدكتورة القهوة بتاعتها بدل ما تشد في خناقي...
استرخت ملامح "اسراء" قليلاً فقد توصلت لنقطة هامة ستمكنها من الحديثٍ بما أتت إليه فقالت بلطفٍ لا يليق بها:
_عصبية هي!...
أشارت لها بتأكيدٍ وهي تضيف:
_أوي خلقها ضيق اوي على عكس دكتور "عنان" دكتور زي العسل والله عمره ما رفع صوته عليا ولا على أي حد من فريق التمريض هنا، الهي ربنا يسعده دنيا وأخرة...
إنكمشت ملامحها بغضبٍ مميت فطرقت المكتب مجدداً بيدها وهي تحذرها بأصبعها الذي كاد بالفتك بها:
_إحترمي نفسك يا ست احسنلك أنا جاية اقتل واحدة مش اتنين..
ارتعبت نظراتها وهي تجذب القلم وتردد بتفهم:
_يا ساتر يارب قتل أيه دا ياختي، بصي أنا شكلي كدا فهمت نرفزتك دي أنتي شكلك يا قلب أمك بالشهر التاسع وعلى وش ولادة آه مأنا حفظت الأشكال دي بيبقوا جايين معبين وأول ما يدخلوا يرحوا منفجرين بالعيل وطالعين ماشين...
ضيقت عينيها بعصبيةٍ بالغة وهي تسيطر على أعصابها بصعوبة:
_يا ستي أنا مخدتش من التاسع غير ١٥يوم متفوليش عليا بقى خلي الخطة تمشي وتحلو....
سألتها بإستغرابٍ:
_خطة أيه!، انا ابتديت أشك فيكي أنتي شكلك عاملة عملة سودة وجاية تلبسيها للدكتور...
صرخت بنفاذ صبر:
_سيبي الدكتور حسابه جاي دلوقتي أنا جاية أكشف عند اللي ما تتسمى اللي إسميها "حياة"...
زفرت بملل:
_بصي خدي الكراسة أهي وربنا معاكي في اي حاجة تقوليها المهم إيدك على ٢٠٠ج كشف..
فتحت"إسراء" حقيبة نقودها ثم أخرجت المال المطلوب لتضعه من أمامها، فجلست على المقعدٍ المقابل لغرفة الكشف، تمرر يدها على جنينها بنظراتٍ محتقنة فقالت بصوتٍ منخفض له:
_إسمع يا حبيبي، الوقتي أبوك الخاين دا كل ما أساله عن المركز يتهرب وبالذات لما اساله ليه المركز إسمه "حياة"، وطبعاً لانه كان واثق إني مستحيل هجي لحد هنا وأعرف كل الحقايق بس على مين أنا هوريه هو وهي، أنا بس عايزاك تتحمل دم مرات أبوك دي لحد بس ما نخدعها بالكشف عشان يعين البضاعة ونشوف مين فينا الأحلى، أياكش ميكنش إتعمى وهو بينقي....
ثم رفعت عينيها تجاه الغرفة القابعة على مساحة منها، فتأملت عدد النساء الجالسات امامها بإنتظار زوجها المصون، جدحت كلاً منهن بنظراتٍ محتقنة وهي ترمقهم بنظراتٍ تشملهم من رأسهم لأخماص قدميهم، شهقت"اسراء" بصدمةٍ حينما وجدته يدلف من الباب الرئيسي للمركز، فرفعت طرف حجابها لتضعه على وجهها فكانت تظن بأنه بداخلٍ غرفة الكشف وكانت مفاجأتها بأنه مازال على الطريق، ولج بطالته الخاطفة للأنظار، يخطوٍ بثقة وهو يحمل بين يديه حقيبته السوداء وواضعاً يديه الأخرى بجيب جاكيته الأسود، كاد بالدلوف لمكتبه، فتوقف حينما وجدها تجلس أمام غرفة د/حياة، ذهول غريب تملكه وهو يستنكر وجودها هنا فربما يتوهم ولكن ثيابها لفتت إنتباهه بدرجةٍ كبيرة، فتوجه إلى مقعدها وهي تكاد تتخبئ من أسفله، خلع نظاراته عن عينيه الزرقاء وهو يسألها بصدمةٍ:
_بتعملي أيه هنا؟!...
ابتلعت ريقها الجاف بصعوبةٍ، فجذبت حقيبتها ووقفت من أمامه تحاول ترتيب كلماتها:.
_انا كنت....آه... كنت تعبانه شوية فقولت قومي يا بت يا اسراء يخربيتك لتكوني بتولدي وأنتي مش حاسة فجيت على هنا وقولت أدخل للدكتورة تكشف عليا عشان بتحرج بس...
رفع حاجبيه بعدم تصديق وهو يردد بمكرٍ:
_تعبانه؟...
أومأت برأسها وهي تؤكد:
_أمممم...
=وبتحرجي؟...
_أمممم، جداً....
إلتفت من حوله فوجد الجميع يتابع ما يحدث بينهما فاقترب منها ليهمس بغيظ:
_ولما أنتِ بتخزي اللي في بطنك دا جبتيه إزاي....
كادت بإجابته فجز على اسنانه وهو يتحدث من خلف بسمته المصطنعة:
_ولا كلمة، ليلتك سودة بس لما نروح، بقى أنا عشان مبهدلكيش هنا من القعدة بعملك كل الفحوصات والكشوفات بالبيت وأخرتها جايلس تهزيلي طولك الوقتي، طب وربي لأوريكي، أصبري عليا...
ثم أشار بيديه تجاه ممرضة الإستقبال بعدما جذب كراسة الكشف من يدها ليضعها أمامها:.
_الحالة دي تبعي يا "سمر"،عينك عليها ما تخلهاش تدخل عند دكتورة"حياة"..
هزت له بتأكيد، فمنحها نظرة شرسة قبل ان بخطو لمكتبه ليتراجع خطوتان وهو يهمس للممرضة بمكرٍ:
_تدخل أخر واحدة، سمعاني...
أجابته بانتشاء للإنتقام من تلك الفتاة التي أخرجتها عن شعورها:
_أنت تؤمرني يا دكتور...
منحها بسمة بسيطة ثم ولج للداخل، فأشارت"سمر" بيدها على المقعد لإسراء التي كادت ان تسلل هروباً للخارج:
_مكانك يا مدام لحد ما دورك يجي...
إنزوت ملامحها برعبٍ فتوجهت لتجلس على المقعد المشار إليه....
***************
مر أكثر من خمس ساعات ومازالت تجلس على مقعدها، حتى بعد أن أصبحت العيادة فارغة، نهضت "إسراء" عن مقعدها وهي تتجه للممرضة بنفاذ صبر:
_لأ، كدا كتير...
ووقفت امام مكتبها وهي تلوك العلكة قاصدة ان تغيظها وهي توجه حديثها اليها بعدما اغلقت سماعة الهاتف:
_نعم؟...
صاحت "إسراء" بغضب:
_لا بقولك أيه مش أنا اللي تشتغليني، انا شايفاكي عمالة تدخلي اللي جاي قبلي وبعدي ولا كأني بطيخة قاعدة لا فوقي دا أنا كورة مكعبرة وتتحشر في زورك لا تعرفي تهضمي ولا تتتفسي...
ابتلعت حلقها بصعوبةٍ وهي تتخيل ما يحدث لها فقالت:
_أنتي عايزة أيه يا مدام، أنا ماليش دعوة بنفذ تعليمات الدكتور أنتي اللي شكلك عاملة فيه حاجة التوصية جايلي من فوق...
طرقت المكتب بقوة وهي تصرخ بها:.
_آه قوليلي كدا بقى طب وربي لاهد المعبد على دماغك أنتي وهو...
وتركتها وولجت لمكتبه والأخرى تركض خلفها وتحاول إيقافها، فتحت باب مكتبه على مصراعيه لتجده يجلس على مقعده واضعاً قدميه على مكتبه، ويتناول البيتزا الساخنة بتلذذ بعدما إنتهى من الكشوفات المهلكة، جحظت عينيها بذهولٍ فأقتربت منها وهي تتطلع لعلبة البيتزا فحملتها وهي تتطلع لها بشهية:
_بقى أنت سايبني هتحمص برة وقاعد تأكل بيتزا!...
أجابها عنان ببرودٍ وهو يقضم أحد اللقيمات من القطعة التي يحملها بين يديه:
_أه يا حبيبتي هلكت من الشغل فقولت اريح، اوبس هي "سمر" مقالتلكيش أني قولتلها تمشي أي حالة لسه بره لإني خلاص تعبت ومش هكشف على حد...
إقتربت منه بنظرات ملتاعة بالإنتقام، فصفعته بعلبة البيتزا بوجهه وهي تجيبه ببسمةٍ خبيثة:
_قالتلي بس حبيت اشوف طالتك البهية...
شهقت الممرضة بفزعٍ وهي تتابع ما يحدث بينهما، أزاح "عنان" العلبة عن وجهه الذي صار عبارة عن مزيج من الصلصلة والكاتشب، فنهض عن مكتبه وهو يقترب منها بنظراتٍ خطرة، تراجعت للخلف بذعرٍ، حتى صارت محاصرة بينه وبين الفراش الموضوع جوار الجهاز كشف نبض الجنين،تمددت عليه إسراء وهي تشير له على بطنها بتأكيدٍ:
_أنا حامل وعهد الله، متتهورش بدل ما أولدك هنا ومتلحقش تلم الموقف...
تحرر عقدة لسانه وهو يلف يديه حول عنقها:
_أعمل فيكِ أيه يا شيخة، انتي البلاوة اللي ابتلايت فيها بحياتي كلها، وكمان مش مكفيكي مصايبك اللي بالبيت جايلالي المركز تكملي على اللي فاضل فيا...
تدخلت الممرضة التي تقف جوار السرير وتتابع حوارهما وهو يخنقها:
_هي دي المدام؟؟..
استدار برأسه تجاهها ليشير لها بنعم، ثم عاد برأسه تجاه زوجته ليسترسل حديثه الغاضب:
_اديني مبرر واحد يخليكي تيجيلي لحد هنا.
أجابته بعصبية وهي تدفعه بعيداً عنها وتجلس على الفراش:
_جيت عشان اشوف الحتة اللي مكحورك وراها زي المدمنين، جيت عشان أوريها اني مش قرطاس لب ولا بطيخة أم لب اسود عليها وعلى دماغها دي...
ضيق عينيه بصدمة:
_هي مين دي؟..
تمددت على الفراش وهي تشير له بأن ينحني مثلما فعل بالنقاش الأول فانحنى وهو يسألها مجدداً:
_بسلامتها تبقى مين!!..
دفعتها لتجلس مجدداً وهي تجيبه بصوت مرتفع:
_الست حياة ياخويا اللي مسمي المركز بأسمها...
تمتمت بخفووت وهو يشير للممرضة:.
_الله يخربيتك، أقفلي الباب دا بسرعة يا "سمر"..
ثم عاد إليها ليقول بهدوءٍ زائف:
_المركز دا انا شريك فيه مش ملكي وبعدين والدها الله يرحمه اللي مسمي المركز دا من عشرين سنة من وأنا طفل يعني وهي كانت بتشتغل معاه هنا...
لم تستمع لكلماته جيداً فوضعت يدها حول بطنها بسخرية:
_كل بعقلي حلاوة ياض حل...
تطلع بنظرة حرجة تحاه ممرضته ثم عاد ليهمس:.
_في مرات دكتور محترمة تقول لجوزها الألفاظ السوقي دي يعني مش كفايا أم البهدلة اللي سحلتهاتي دي ولا لسه عايزة تفرجي علينا قسم الجراحة كمان....
جحظت عينيها بصدمة:
_هو لسه في قسم جراحة كمان..
اكدت سمر بإيماءة وجهها المؤكدة، فتسألت بغضب:
_ودا فيه ستات برضه ولا ايه النظام..
أجابتها سمر ببسمة واسعة:
_احنا كلنا ممرضات يا مدام...
عنفها عنان بعصبية:.
_اسكتي انتي التانية...
ثم تطلع لها بوجومٍ شديد وهو يضع حقيبتها بذراعيها:.
_وانتي يلا خدي شنطتك وعلى البيت وهناك يجمع الحساب...
تمددت على الفراش وهي تجذب الملاءة لتداثر ذاتها:
_بتحلم انا مش هتنقل من هنا غير ورجلي على رجلك...
جز على اسنانه بعصبية:
_مش هينفع عندي حالة ولادة..
أشارت له بأصبعها:
_روح خلص وتعالى أكون أيلتلي شوية...
إحتل وجهه حمرة قاتمة وقد خرج عن المعهود، فكاد بان يجذبها عنوة ولكنه توقف حينما تمسكت ببطنها وهي تصرخ بألمٍ:
_آآه، "عنان" ألحقني.....
قوس شفتيه بضجرٍ من حركاتها المتكررة طوال التسع شهور، صرخت به وهي تتلوى ألماً _
:عنــــــــــــــــــــــــــــــــــان.
تطلعت له سمر وهي تشير له:
_الحق يا دكتور لتعملها هنا وتغرق مكتبك فعلاً دي المدام مفترية وتعملها..
صعق عنان وبلمح البصر كان يدفع السرير الخاص بغرفة كشفه تجاه غرفة العمليات والأخرى تصرخ بجنون وهي تشير له:
_لا عمليات لا، اركن على جنب ونزلني، منك لله يا سمر دي حالة تعب عادية وآآآآه.....آآه لا مش عادية اجري بسرعة....
هرولت سمر من خلفهم وهو يسرع لجناح غرفة العمليات، فخرجت د.حياة من مكتبها حينما استمعت لصوت الصراخ القائم بالخارج لتجد عنان وجهه مذري للغاية ببقايا البيتزا وهو يدفع سرير الكشف تجاه جناح العمليات فتسألت بصدمة:
_هو في أيه؟...
توقف عنان محله فرفعت اسراء وجهها للاعلى لترى من تقف أمامها فاستدارت بوجهها تجاه عنان لتسأله بذهولٍ:
_خالتك نحمده دي ولا دي تهيوات ما قبل الولادة...
رمقها بنظرة تحذير بالصمت فقالت سمر وهي تمصمص شفتيها:
_نحمده مين يا مدام دي د. حياة الدكتورة الكبيرة بتاعت الهو دا كله مهو لو كنتي سمعتي من الدكتور كنتي عرفتي انها قد امه..
ثم تطلعت لحياة وهي تضيف باسي:
_لا مواخذة يا دكتورة...
رسمت البسمة الواسعة على وجه اسراء الذي ختم بصراخٍ صاخب وهي تلكمه بقوة:
_وقفت ليييه بووولد يخربيت اليوم اللي إتجوزتك فيه يا اخي....
دفع الفراش مجدداً ليقتحم غرفة العمليات حيث كانت الممرضات تعقمن جرح احداهن بعد ولادة القيصرية وتعاونها على الاستعداد للخروج، رأت الدماء المنتاثرة علي ملابسهم وما يحدث أمام عينيها فاستدارت برأسها تجاهه وهي تشير له بيدها:
_أنت فهمتني غلط يا بابا بقولك زوق على البيت انت دخلتنا مكان غلط..
وكادت بالهبوط فدفعها برفق وهو يبتسم بخبث:
_دا المكان الصح بالوقت الصح...
ثم اشار لسمر التي انقضت على رأسها كالقطار المندفع فحاولت ان تدفعها بعيداً عنها وهي تصرخ بصوتها كله:
_الحقوووووووووووووووني.....
ترقبوا الفصول القادمة كل جمعة إن شاء الله البقاء واللقاء....مع اول نوڤيلا كوميدي ليا بسرد بسيط وسلسل بعيد عن تعقيد سلسلة الجوكر والأسطورة اهو تفكوا شوية بدل ماهو ساحل "شجن" والجوكر قايم بباقي الواجب مع عيلة زيدان كلها...
قصص وروايات بقلم ملكه الإبداع ايه محمد
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون...
#بقلمي_ملكة_الإبداع..
#آية_محمد_رفعت...
*********____________***********
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون...
#الفصل_الثاني.....
_الحقوووووني يا بشر، يا ناس ياللي برة إلحقوووني...
إنطلقت صرخاتها المزعجة بالمركزٍ الطبي، ترقب الجميع جناح العمليات بنظراتٍ تحمل الدهشة بين أطيافها، لطالما عهد هذا المكان صرخات متألمة لولادات متعسرة ولكن ليس مثل هذا الصوت الصاخب، قيد "عنان" حركة يدها وهو يهمس لها بصوته المنخفض:
_صوتي براحتك يا حبيبتي، خلاص أنا قررت إنك هتولدي النهاردة عشان خلاص إتخنقت منك ومن حجتك اللي بتستعمليها كل ما لسانك ما بيطول..
ابتلعت ريقها الجاف بخوفٍ شديد، فمالت برأسها على كتفيها وهي تهمس بصوتها الخبيث كمحاولةٍ أخيرة بائسة لإستعطافه:
_يا عنونة راجع نفسك يرضيك تفتح على ابنك بالوقت دا، أكيد مش جاهز لإستقبالنا يا حبيبي...
رسم بسمة ساخرة على وجهه وهو يجيبها ببرود:
_إن شالله عنه ما جهز، هو مش مستعد بس أنا آه يا روحي...
ثم أشار للممرضات متسائلاً بإستغراب:
_أمال فين دكتور "عبد الرحمن"؟...
أجابته أحداهن بتوجسٍ:
_دكتور البنج لسه نازل من شوية يا دكتور، زمانه لسه على الطريق....
قالت" إسراء" بابتسامة واسعة:
_شوفت بقى، نخليني بقى بكرا ولا الشهر الجاي أما عبده يبقى جاهز...
شدد من إحكام يديه حولها وهو يقول ببسمةٍ خبيثة:
_متقلقيش يا عمري، الموضوع عندي...
صرخت بوجهه بذعرٍ:
_يالهوووي هتفتح كرشي من غير بنج!..
تجاهلها تماماً وهو يخرج هاتفه لينتظر قليلاً حتى استمع لصوته فقال ببسمة هادئة:
_أنت فين يا دوك؟..
_آه يعني مبعدتش يعني، طيب إرجع حالاً عشان معانا حالة مستعجلة...
حاولت ان تبعد يديه عنها فصرخت بغضب بالهاتف:
_متجيش يا عبده، الحالة مش موافقة...
أغلق "عنان" هاتفه ببسمة إنتصار، وهو يشير للممرضات بتجهيز الغرفة في التو والحال، سكنت حركتها مما جعله يتطلع لها في ذهولٍ، حاولت التوصل لحل يخرجها من تلك المعضلة فابتسمت بمكر وهي تتدعي الحزن قائلة:
_يرضيك أولد كدهون من غير حد من عيلتي يقفلي بره ويستنى بدموعه الحارقة المقلقة عليا، يعني الناس تقول أيه لما تلاقيني جاية لوحدي يقولوا ماشية في الحرام وجاية تولد العيل وتحطه قدام باب جامع!......
اتسعت بسمته وهو يرد عليها:
_لا يرضنيش، ثانية واحدة..
وجذب هاتفه ليطلب عائلتها فزف إليهم خبر ولادتها، فكانت أخر مكالمة من نصيب حماتها، فتح "عنان" السماعة الخارجية وهو يخبرها فقالت بسعادة:
_والله خبر حلو، أهو ترتاح من تغير هرموناتها الشنيعة دي...
نهضت اسراء عن الفراش وهي تحاول خطف الهاتف من يديه فرفعت صوتها بضيقٍ شديد:
_هرمونات مين يام هرمونات أنا عارفة إنك عايزة ابنك يولدني عشان أموت وتجوزيه لبنت أختك، دا أنتي ولية قرشانة بصحيح مش تصبري ياختي لما أمر الله ينفذ لا الشماتة عيني عينك، ناس مبقاش عندها ضمير...
أشار لها عنان بالصمت وحينما فشل بذلك أغلق هاتفه سريعاً وهو يشير لها بغضب:
_ليلتك سودة معايا...
تحملت على ذراعيه وهي تجلس على السرير الصغيرمن خلفها لتشير له ببسمة هادئة:
_هرمونات هرمونات....
جز على أسنانه بسخرية:
_ماشي كلها دقايق وهنشوف...
****************
ولج طبيب التخدير لغرفة العمليات بعدما أبدل ملابسه لزي طبي موحد، توجه للداخل وهو يشير بيديه للممرضة بأن تستعد بما يحتاجه، اشرأبت بعنقها وهو تسأل بضيق:
_جيت ليه يا عبده...
انزوى حاجبيه بتعجبٍ:
_"عبده" مين يا مدام اسمي "عبد الرحمن"...
ولج" عنان" للداخل هو الأخر ليضع يديه على كتفيه قائلاً بحدة:
_سيبك منها وركز في شغلك، جهز حقنة التخدير...
أومأ برأسه ثم استدار إليها بإستغرابٍ:
_كلي ولا نصفي يا مدام...
اشرأبت بعنقها مرة أخرى وهي تسأله برعبٍ:
_ودا أيه دا يا خويا عصير ولا ايه معلش أول مرة...
جذب الطبيب المحقن الغليظ وهو يقربه منها بضجرٍ:
_عصير أيه بس يا مدام دا بنج!...
مررت نظراتها على ما يحمله بذراعيه لترسم بسمة صغيرة وهي تزيح الغطاء عنها مستغلة انشغال "عنان" بإرتداء القفازات الطبية وزي العمليات الخاص، كادت بأن تفتح الباب لتهرول للخارج، فأشار الطبيب له قائلاً بصراخ:
_الحق يا دكتور المدام بتهرب...
سلطت نظراته عليها، فابتسمت وهي تحمل جلباب العمليات وتعود للداخل من جديد لتتمدد مثلما كانت وهي تغطي ذاتها بالملاءة لتشير له بأصبعيها بتأكيد كون الأمور على ما يرام، اشرأبت بعنقها من جديد لترأه يرتدي مريال طويل مخيف، فقال بصعوبة بالغة بالحديث:
_هو انت داخل المدبح ولا أيه يا حبيبي كدا انت بتقلقني...
منحها نظرة جانبية وهو يتجاهل حديثها ليستكمل إرتداء ملابسه، نظراً لدخولهم الغريب والمفاجئ لغرفة العمليات لم تستطيع الممرضة تعقيم ادوات الجراحة جيداً فكانت تعمل لجوارها بحذرٍ من أن لا ترآها، سقط المشرط ارضاً محدثاً ضجة عارمة، أشرأبت من جديد بعنقها، لتشير لها ببسمة غريبة:
_حوشي اللي وقع منك يا بنتي..
تلاشت بسمتها تدريجياً وهي تتساءل بصدمة:
_دا أيه؟..
أخفته الممرضة سريعاً وهي تشير له:
_إهدي يا مدام...
نهضت عن الفراش وهي تردد:
_هو الحاجات دي فيها هدوء برضك..
أسرع إليها "عنان" ليدفعها برفق للفراش فصرخت بها بعصبية:
_أنت مجنون دي معاها مشرط! ، هتسيبهم يفتحوا بطني كدا عادي وأنت واقف، إن شالله عني ما ولدت، خرجني من هنا حالاً بدل ما أرفع عليك وعلى العيادة قضية تجارة أعضاء...
صُدم "عنان" وهو يستمع للفضيحةٍ التي أعلنتها عنها زوجته، فمنذ أن تأسس هذا المقر وهو يعمل بصحبة زملائه لرفع السمعة الطيبة عنه وهي الآن تحدث جلبة عظيمة بغرفة العمليات، كم مقت الساعة التي تزوج بها أو بالأحرى على تصميمه بأن تلد ابنهما الأول بعيادته وعلى يديه،رغبة منه بأن يضمن لها الأمان، ولكنها الآن تثرثر بالحديث الفاضح له أمام طقم ممرضاته، تعالى صراخ "اسراء" وهي ترى طبيب التخدير يقترب منها ليضيف ببسمةٍ هادئة وهو يقرب منها محقنه الغليظ:
_متقلقيش...
تعلقت بعنق زوجها وهي تحدجه بنظرة قاتلة لتجيبه على كلماته السازجة:
_مخافش إزاي بخلقتك دي...
ثم تطلعت لعنان الذي يغلق عينيه بتحكمٍ بثباته الإنفعالي فقالت بصراخٍ مزعج:
_خرجني من هنا يا عم أنا بتدلع عليك لسالي شوية وأولد...
تفتت طاقته بإستحمالها، فقيدها جيداً ثم أشار بالطييب التخدير قائلاً بعصبيةٍ بالغة:
_إحقنها وخلصني قبل ما تفضحنا هنا..
بدا إليه وكأنه يطالبه بأمراً عظيم وخاصة حينما بدأ فريق الاطباء بالإستياء منها، فتمسكت الممرضات بذراعيها، ارتعبت خوفاً فصاحت بصراخٍ عاصف:
_الحقوووووووووووني، يا حماااااااتي ابنك هيموتني خرجوووني من هنا وأنا هوافق إنك تجوزيه لعايدة بنت أختك...
ألتفت من حولها الممرضات، فمنحتهم نظرة مرتعبة وهي تهمس بخوف:
_أيه؟ ، بتبصولي كدليه؟!...
ثم نقلت نظراتها لعنان الذي يستعد للجراحة بالتعقيمات فقالت بفزعٍ وهو يقترب منها ليطهر مكان الجراحة:
_يعني أنت هترتاح لما تفتح كرشي، طيب هيجيلك قلب تأكل معايا ونقعد في بيت واحد إزاي!...
أفتر وجهه عن بسمة شر وهو يقترب ليهمس لها بشيئاً جنوني:
_هيجيلي قلب ولو مسكتيش هسرق كليتك وكبدك وأتبرع بيهم لحد مريض....
جحظت عينيها بصدمةٍ، فصمتت بخوفٍ وهي تتلقى حقنة المخدر، أشرأبت من جديد لتتطلع لقدميها، فحاولت قدر الإمكان ان تحرك احداهما، شعرت بتثاقل بكلتاهما فقالت وهي تشير بخوف:
_رجلي!!!...
إقترب عنان منها وهو يضع رأسها على السرير قائلاً بتذمر:
_عارف.....
تمددت من جديد والخوف من القادم قد تمكن منها للغاية، أشفق عليها أخيراً، فمسد بيديه على وجهها، ثم طبع قبلة على جبينها هامساً برفقٍ:
_متخافيش مش هتحسي بحاجة...
حدجته بنظرةٍ شك فكيف سيفتح جزء من جسدها ولم يطوفها الألم، طمنها بضغط يديه على يدها ثم عاد ليبدأ عمله، إهتز جسدها بعنفٍ فقالت بصعوبة بالحديث:
_هو في أيه يا جدعان..
ثم إشرابت بعنقها من جديد، لتجحظ عينيها بصدمة مما رأته، فعادت لتستلقى من جديد وهي تصرخ بخوف:
_يخربيتكم انتوا لابسين كمامات ليه، عندكم كورونا وهتفتحوا كرشي!!!!!!!......
تجاهلها عنان وهو يستكمل مهامه، بل أرادها أن تلتهي بالحديث حتى لا ترآه وهو يقتحم بطنها بأداته الحادة، سرى المخدر بالجزء الاعلى من جسدها فقالت بتذمر:
_عنااااان مش عارفة أحرك أيدي يلا عملت فيا أيه يخربيت أمك...
ثم قالت وعينيها تبرق بصدمة وهو ينتشل الجنين ليناوله للممرضات اللاتي قمن بعملهم:
_أنتوا خدتوا أيه وطلعتوا تجروا!...ادتهم كليتي يا جزمة أنت جالك قلب يا جاحد تشيل أعضائي وتديها للبت أم فلونكة دي جالك قلب!.....
رفع عينيه بصدمة تجاه الممرضات اللاتي يبتسمن بالخفاء على نعته بألفاظٍ هكذا، ود لو بتر لسانها ليخلص منها ولكنه تماسك لإنقاذ صغيره من بطش تلك المجنونة، قالت بضيق:
_ياض رد عليا اللي بيحصلي دا عادي ولا هموت وأمك تفرح وأنت تتجوز المزة اللي بتحلم بيها، بالك أنت "عايدة" بنت خالتك دي حتة ميكروباص مالوش موقف، معرفش امك شايفها مناسبة ليك إزاي دي لو قعدت على دراعك مش هتلاقيه، أياكش تعرف قيمة السمبتيك اللي أنت متجوزها...
تعالت ضحكات الممرضات، فإقترب "عنان" منها وهو يشير لها بغضب:
_كلمة زيادة وهنتشل قلبك من مكانه وأبقى فرجيني على المزة لما الروح تطلع للي خلقها...
أسبلت بنظراتها تجاهه وهي تضيف بضيق:
_وهيجيلك قلب تقتل مرأتك أم عيالك!..طيب هتقولهم أيه قتلت أمكم عشان أتجوز "عايدة" وأجبلكم مرات أب...
اغلق عينيه بنفاذ صبر وهو يردد بهمس:
_يارب الرحمة من عندك يا كبير، أقتلها وأفقد ضميري المهني ولا أعمل أيه بالظبط...
رفعت صوتها بغضب:
_سمعتك على فكرة والله يا "عنان" لو فكرت بس تسرق اي حاجة من أعضائي إن شالله بس المرارة لأنا قابلة لأصحابك الكومن دول الرقم السري لحسابك في البنك وهقول كمان على آآ...
بترت كلماتها حينما كمم فمها بيديه وهو يبتسم لمن حوله ليتمتم بصدمة متناسياً الدماء العالقة بيديه:
_أيه يا حبيبتي الجنان دا حساب أيه بس أنتِ خرفتي من البنج ولا ايه..
أشرأبت بعنقها وهي ترى نصف وجهها لتميل بدوارٍ حاد وهي تهمس بصوتٍ منخفض:
_أيه دا دم!.....
************
مرت دقائق مبسطة فقدت فيهما "إسراء" الوعي، ثم عادت لتستفيق من جديد هامسة بصوتها الخافت:
_قتلتني وارتحت يا "عنان" أياكش تكون فاكر إني هسيبك، ورحمة أبوك الغالي لأتحول لشبح او روح شريرة أيهما يليق بيا وأسوح عيشتك انت وأمك و"عايدة"...
زفر بنفاذ صبر، وهو يدعو الله أن تنتهي تلك المهامة على خير، فتحت عينيها بوضوح، لترفع رأسها مقابله فقالت بضيق:.
_أيه دا أنت لسه مخلصتش، تلاقيك بتتصرمح مع الممرضات وسايب كرشي مفتوح للي يسوى واللي ما يسواش..
إقتربت منه أحدى الممرضات لتزيل حبات العرق على جبينه قبل ان تتساقط على الجرح الذي يضمه ببراعةٍ، لوت شفتيها بسخطٍ:
_بتقربي منه ليه كدا ياختي اشحال مكنتش المدام وشايفة كل حاجة بعيني، بتشيلي العرق بمنديلك ياختي على كرمك ورقتك...
تطلعت الممرضة لعنان فقال بصوت مهتز وكأنه على وشك فقدان الوعي لما تعرض له من مجهود بدني ونفسي:
_معلشي حقك عليا..
ثم استدار اليهم جميعاً وهو يهدر بآسف:
_حقكم عليا كلكم يا جماعة...
تطلعت اسراء للجميع وهي ترد عليه في ذهول:
_حقكم عليا! ، نهارك اسود لهو أنت غلطت مع كام واحدة يلا!!!...
صداع رأسه هاجمها بشراسةٍ، ضغط على شفتيه بقوةٍ وهو يحارب ذاته بالا يقترف جرماً فاضح بحق مهنته، وقعت نظراته على قناع الاكسجين المجاور له فلمعت عينيه وهو يجذبه ليقربه منها بخبثٍ وهو يتطلع للشاشة الصغيرة من أمامه:
_أيه دا؟؟! ..
اشرأبت بعنقها وهي تتطلع لما ينظر اليه بعدم فهم:
_أيه يا ابني متقلقنيش على نفسي الله يكرمك..
قال وهو يشير للممرضة التي غمز لها بمكر:
_حالتها صعبة اوي، لازم تتحط على الأكسجين بسرعة..
ولف القناع حول وجهها، فرفعت يدها لتزيحه ليشير لها بتحذيرٍ:
_أوعي تموتي على طووول، ولو اتكلمتي الاكسجين يدخل بوقك وساعتها هيخيش على الرئة ومنقدرش ننقذك ويكون قدرك وأخرتك السودة وهنا وراحة لبقية عمري!....
أشارت له بأصبعيها وكأنها تحاول قول أمراً ما فأشار لها على الجهاز لتصمت بخوفاً بعد سماع الجزء الأخير المتعلق بها، ابتسم بفرحة وهو يتمتع ببعض الهدوء وإن كان لبعض الوقت، فعاد ليستكمل عمله بسعادة بدت بأنها ستدوم طويلاً ولكنها كانت مؤقتة!!!....
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون...
#بقلمي_ملكة_الإبداع...
#آية_محمد_رفعت...
***********________********
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون....
#الفصل_الثالث....
تلاشت بسمته التي كادت بأن تصل من الأذن للأخرى حينما أزاحت "إسراء" قناع الأكسجين عن وجهها وهي تتساءل بتذكر وقد بدى سؤالها منطقي بعض الشيء:
_هو أنا جبت واد ولا بت ياض يا عنونة....
صرخت نظراته بوعيدٍ قاتل بالإنتقام حينما تسنح له الفرصة، تجاهلها تماماً وهو يحاول الصمود قدر الإمكان، فعاد ليستكمل ما يفعله بثباتٍ، وكأنها تتحدث مع الفراغ، إشرأبت بعنقها وهي تصيح بصوتٍ مرتفع:
_مش بكلمك يا عم ما تقولي جبت أيه عشان أفكر في الإسم عما تخلص خياطة....
دنت منها أحد الممرضات لتجيبها بتأفف ملموس:
_ولد يا مدام....
أعادت رأسها على السرير مجدداً وهي تضيف بتذمرٍ:
_كنت حاسة إنه هيجيلي واد يطلع شبهه ويقرفني في الأخر...
جفف "عنان" جبينه بمنديله الورقي وهو يشير بيديه للممرضات بأن مهامه قد إنتهت بنجاح، فتسلل سريعاً للخارج حتى يستريح بمكانٍ هادئ يضمن له إستعادة إتزانه المفقود، بدأت الممرضات بتجهيزها للخروج، فرفعت قدميها حتى تعاونها على إرتداء ملابسها، ضيقت "اسراء" حاجبيها بصدمةٍ فقالت وهي تسأل الممرضة بدهشةٍ:
_ما شاء الله أنتِ بتلعبي أيه عشان ترفعي رجلك الرافعة دي وأنتِ واقفة على الأرض!...
تجاهلتها وهي ترفع القدم الأخرى، دققت بالنظر للقدم المرفوعة فلفت نظرها الشامة الصغيرة أسفل ركبتها فرددت بصدمةٍ:
_يا نهاركم أسود انتوا قطعتوا رجلي وادتهوها للولية دي !...
صرخت بها أحداهن وقد انفلتت بالتحكم بذاتها:
_قطعنا أيه يا مدام دا أحنا بنغيرلك...
لوت شفتيها في تهكمٍ وهي تجيبها:
_وتغيرلي ليه يدلعادي إتشليت ولا إتشليت....
وابتلعت باقي كلماتها لتفكر بالأمرٍ ثم عادت لتستطرد:
_هو أي نعم مش حاسة برجيلي بس ميضرش أزمة وتعدي وأرجع ميت فل وعشرة..
كادت بالرد عليها فأشارت لها الاخرى بأن تتحلى بالصمت، ثم قالت:
_نادي يلا لأم "علي" عشان تنقلها معانا للترل..
وزعت "اسراء" نظراتها بينهما ثم سلطت على باب الغرفة لتجد جسد ممتلأ بالشحوم واللحوم، مشابه للهضاب المستقلة بحجمها العملاق يتحرك تجاهها بإندفاعٍ، وكأنه شوال
من البطاطا المتدحرج، ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة بالغة وهي تشير لها بجنون:
_تيجي فين!، خاليكي عندك يام علي جزاكِ الله ألف خير، أنا هتصرف وأشوف ونش يطلعني من هنا ولا أقولك الواد أخويا بره إطلعي اندهيله أحسن وأهو يلم لحم اخته أحسن ما الغرب يلموه...
أشارت لها الممرضة غير عابئة لكلامها:
_إيدك معانا يام "علي"...
انحنت تجاهها قليلاً لتجذب طرف الملاءة من أسفلها فصرخت" اسراء" وهي تمتم بألم:
_الحقني يا عنااااان...
أتى سريعاً من الغرفة المجاورة لها ثم استدار تجاه صوتها المكبوت فأشارت بيدها وهي تضيف:
_خرجني هموت مفيش أكسجين هنا، ما توسعي يا ست هو موت وخراب ديار ولا أيه...
ابتعدت عنها فحملها عنان بين يديه ليضعها على السرير المتحرك قائلاً بثباتٍ:
_خدوها على الأوضة...
تطلعت إليه والسرير يهتز بقوة بعدما دفعته الممرضة بحنقٍ وفرحة للتخلص من تلك المريضة الحمقاء، فصرخت بإستنجاد:
_الحقني يا "عنان"، إحنا متفقناش على كداااا..
بمساعدة بعض الممرضات دفعوها للخروج من العمليات تجاه غرفتها العادية، طافت الوجوه من أمامها حينما خرجت للردهة المطولة أمام الغرفة، ابتسمت وهي تلوح بيدها لحماتها ثم قالت بغرور وهي تخطف نظرة خاطفة لإبنة خالته القابعة بجوارها:
_ ممتش روحي بقى عايدة مش هتحتاجيها بعد كدا...
ثم خطفت نظرة سريعه لباب المركز فلمحت طبيب التخدير وهو يتجه للخروج متعجلاً فرفعت صوتها قائلة:
_أيه يا عبده عندك طلعة تانية ولا أيه، روح يا شيخ ألهي تنفجر في وشك وأنت بتفتح على العيل ....
رفع"عنان" يديه ليخفي وجهه خجلاً من تصرفاتها، لينسحب بهدوء لغرفة مكتبه، وضعت بغرفة عادية فتركتها الممرضات وخرجن سريعاً خوفاً من لسانها السليط، مرت الساعات ومازالت تتمدد بغرفتها وهي تحارب صداع رأسها المهلك من كثرة حديثها بغرفة الجراحة، فتح باب غرفتها ليطل برأسه من خلفه، تهدلت ملامحه بضيقٍ حينما وجدها مستيقظة كان يأمل بأن يجدها غافلة حتى يطمئن عليها ويرحل بدون أن يزداد صداع رأسه، رأته وهو يتلصص عليها فصاحت بعنفوانٍ:
_تعالى ادخل دا أنا هشويك على نار هادية، بقى أنت موصي عليا البت الممرضة دي عشان كل شوية تدخل تفعص في بطني!!!!...
إقترب منها بصمتٍ وهو يتفحص الحقن المخترقة للوريد، ثم أعدل من وضعية الفراش حتى يكون مريحاً بعض الشيء، جزت على اسنانها بغضب:
_مش بكلمك انا، عارف لو آآ...
بترت كلماتها حينما كمم فمها بيدبه وهو يصيح بها بعينٍ مشتعلة بوميضٍ مخيف:
_عارفة لو صوتك دا طلع تاني أنا هعمل فيكي أيه؟!!..
هزت رأسها بالنفي وهي تبرق له بخوفٍ، فابتسم بمكرٍ وهو يخرج من جيب البلطو الطبي الأبيض مشرط حاد ليقربه منها وهو يشير على عنقها بنظرةٍ شر:
_هفصل رقبتك عن جسمك أو أقطع لسانك من عند اللغلوغ عشان أمة لا إله الا الله ترتاح....
همست بصعوبة من خلف يديه:
_واقفتك في مجزرة الكروش خالتك قتال قتلة يا عنونة...
ضغط على شفتيه السفلية بعصبيةٍ بالغة وهو يرى كل طريق يسلكه إليها مسدود، فُتح باب الغرفة فولجت د. حياة ثم إقتربت منها وهي ترسم بسمة لطيفة:
_حمدلله على سلامتك يا حبيبتي...
تلاشت بسمتها تدريجياً وهي ترى بوضوحٍ المشرط الطبي الذي يحمله "عنان" ويقربه من زوجته، فقالت بشكٍ:
_هو في أيه؟...
تعالت ضحكاته المصطنعة وهو يجذب أحد خصلات شعر "إسراء" ليقطعها بالمشرط وهو يجيبها:
_أصل في شعراية بريئة نازلة فوق دماغ اسراء وخناقها فقولت اتصرف...
صرخت "إسراء" بألم وهي تركله بيدها أسفل معدته:
_شعري تنشك في معاميعك يا بعيد..
كبت آلامه وهو يترنح من شدة الألم، فجاهد لرسم بسمة مخادعة تمر مرور الكرام على د. حياة التي تتابع ما يحدث بينهما بصدمةٍ حقيقة، فعادت للخلف خطوتين وهي تقول بتردد:
_طيب هستأذن انا بقى كنت جاية اطمن علي المدام وخلاص إتطمنت سلام عليكم....
وغادرت سريعاً فبعد ان اخبرتها الممرضة بحالة زوجة "عنان" لم تكن تصدقها ببدء الأمر ولكن الوضع الآن بات اكثر خطورة، ترقب عنان إنغلاق باب الغرفة لينقض عليها وهو يردد بوعيد:
_وعهد الله لأخلص عليكي في التو والحال ويبقى أول طبيب مصري اصيل يقتل مراته وهي طالعه من العمليات عشان جابتله ولد....
ابعدت يديه عن عنقها وهي تصيح به بألم مصطنع:
_وأنت فاكر ان ابني هيسيبك، وبعدين وسع كدا بطني لسه اخده تلاته وتلاتين غرزة..
رمقها بنظرة جانبية مشككة فقال:
_كان نفسي اخيط لسانك السليط داا...
على بكاء الصغير وهو يبكي بصوته البريء، فتوقف محله ببسمة هادئة وهو يقترب من الفراش ليحتضنه بحنان متاملاً ملامحه الصغيرة، لتتحول نظراته لصدمة حينما صرخت "اسراء" بصوتها المزعج قائلة:
_يالهوووووووي الحقوووووني بيخطف ابني وهو لسه حتة لحمة حمرا يا جدعااان، يا حكووووومة يا منظمات اتحاد اسرة النساااااااء يا بوووليس!!!..
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون..
#بقلمي_ملكة_الإبداع..
#آية_محمد_رفعت..
بعتذر لقصر الفصل ولكني مازلت مريضة، قراءة ممتعة🌹..
*******________*******
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون...
#الفصل_الرابع...
(واجب التنويه ان احداث النوفيلا خيال ولا يمت للواقع بصلة، قراءة ممتعة♥...)..
كمم فمها بيديه وهو يهمس جوار أذنيها بغيظْ:
_هقتلك يا "إسراء" وربنا...
سألته بإندفاع وهي تبعد يديه عنها:
_هتقتلني عشان بدافع عن ابني اللي عايز تخطفه وهو حتة لحمة حمرا...
أصابه الدوار فكاد بالسقوط أرضاً ورغم ذلك تماسك لأبعد حد، فقال ويديه تحتضن مقدمة أنفه:
_هو أنا عملت حاجة يا ماما أنا ببص على الواد، بطمن طالعلي ولا طالع زيك عشان لو طلع زيك أبدله بكرامتي مع أي واحدة والدة بالمركز أهو أكرم من الجنان اللي هشوفه على أيده...
لفت يدها حول عنقه وهي تضغط بقوة قاصدة قتله:
_نهارك أسود عايز تبدل ابني!! ، دا أنا أروح فيك في داهية...
أبعدها عنه بصعوبة وهو يلوح لها بذراعيه وبالأخرى يتفقد عنقه:
_حلي عني أنا لسه عندي حالة ولادة ومحتاج عقلي وقوتي...
وتركها وهرول سريعاً للخارج، فجذبت هاتفها الموضوع على الكومود الصغير جوارها وهي تردد بتوعد:
_بقى عايز تبدل الواد ماشي يا عنان أصبر بس على رزقك..
كتبت على الهاتف أحد الأرقام ثم رفعته بإنتظار سماع صوت المتصل، فقالت:
_لو سمحت كنت عايزة أبلغ عن أب عايز يبدل بنته بولد...
لأ بقولك أيه أنت هتقعد تستغرب والراجل هيبدل البت بولد وأتوه أنا وتبقى قضية شرف!!، دا أنا في لحظة أطلعلكم لايف هنا وأشهد الناس عليكم وأعملكم فضايح...
العنوان؟ ، أوي أوي سجل عندك، مركز الحياة قصاد مطعم *****...
وأغلقت الهاتف ببسمة انتصار وهي تردد بانتشاءٍ:
_فاكر البلد سايبة ولا أيه، المهم أنا لازم استعد كويس عشان اللي يدخلي هنا الكورونا واكلة البلد...
***********
وبعد ساعة كاملة...
صرخ به بغضبٍ وهو يزيح الكمامة عن وجهه:
_اللي بتعمله دا غلط، الست جوا بطنها مفتوحة وهتموت، أنا بحملك المسؤولية كاملة...
أجابه الشرطي بحدة وهو يجذبه من تلباب ملابسه:
_أطلع ورايا من غير رغي كتير...
أبعد "عنان" يديه عنه وهو يصيح بإنفعالٍ:
_أنت سحبني وراك كدليه أنا دكتور محترم وهوديك في ستين داهية...
أجابه الشرطي ساخراً:
_وكمان بتتنكر بلبس الدكتور دانتوا بقيتوا عينكم بجحة، طيب ياخويا بدل ما أنت شايف نفسك محترم كدا مش حرام تبدل بنتك بولد مش من صلبك دا انا هسحلك...
كاد قلبه بالتوقف حينما تسرب لعقله خيوط ما حدث بالتحديد فهمس بصدمة:
_عملتيها يا بنت المجانين!...
وازن أموره بمنطقية بحتة، فعلى ما يبدو بأن الشرطي أحمق ولن يتمكن من إقناعه وربما ستفقد تلك المرأة حياتها وربما أيضاً سيكمل ما تبقى من حياته خلف القضبان لأجلها، فسريعاً ما تمكن من إيجاد فكرة منطقية، فقال مبتسماً:
_لا أنت فهمت غلط، أنا الدكتور "عنان اشرف" ودا المركز بتاعي لو تقصد على الراجل اللي مراته ولدت من شوية فهو مستخبي جوا العمليات حتى انا استغربت هو داخل يعمل ايه جوا...
تهدلت ملامح وجه الشرطي بإستيعاب وخاصة حينما القى نظرة متفحصة على ملابسه، اشار له "عنان" على ملابسه وهو يقول ببسمة ساخرة:
_شوفت الدم، صدقت اني دكتور وبولد حالة وأنت دخلت عليا في وقت غلط!..
حك مقدمة رأسه بتفكير فباغته بسؤالٍ هام:
_طيب جوزها دا أسمه ايه...
اجابه على الفور:
_إسمه عبده أقصد "عبد الرحمن"..
هز الشرطي رأسه بشر ينبع بعينيه المظلمة، فولج لغرفة العمليات من جديد ليلقي نظرة متفحصة، كانت الدكتورة" حياة" قد نابت عن عنان في انقاذ تلك الحالة فقالت باستغراب حينما وجدت الشرطي بجوارها:
_أنت مين وعايز أيه؟..
قال وهو يحك ذقنه:
_عايز عبد الرحمن..
أتاه الصوت من خلفه:
_أنا، في حاجة ولا ايه؟..
بمجرد قوله لتلك الكلمة الصريحة بكنايته جذبه الشرطي من تلباب قميصه الأبيض وهو يسحبه للخارج قائلاً بسخرية:
_عايزينك شوية في أحضان السجن يا خفيف...
حاول التملص من يديه وهو يصرخ به:
_أيه دا أنت اتجننت انا دكتور تخدير محترم...
جذبه خلفه بالقوة والأخر يرفع صوته:
_في سوء تفاهم يا حضرت، أسمع بس مينفعش كدا..
سريعاً ما وضعت الأغلال حول معصمه ثم وضع بسيارة الشرطي ليزف لقسم الشرطة، أما عنان فما أن تأكد من خروجهم حتى خرج يتسلل من خلف الحائط الصغير بجوار العمليات ليتجه سريعاً لغرفتها، ما أن فتح باب الغرفة حتى تخشبت قدميه من شدة ما تعرض له، فتح عينيه ليحاول رؤية ما يحدث ولكنه وجد ما يعيق رؤيته، انتشل ما وضع على وجهه فوجد دلو (جردل) كبير الحجم قد دفنت رأسه به، وجسده بأكمله يرتجف من شدة البرودة بعدما غمرته مياه هذا الدلو الذي سقط ليغرقه، تطلع أمامه فوجدها تنظر إليه وهي تقول بخيبة أمل:
_هو أنت دا أنا افتكرت البوليس جيه فكنت عايزة أعقمهم قبل ما يدخلوا عليا، انا نفسة وماليش أتعرض لحالات عندها وباء الكورونا...
ثم القت عليه نظرة تفحص وهي تسأله باستغراب:
_أيه اللبس دا أنا ولدت خلاص يا حبيبي روح أقلع لبس الجزارة دا..
أفرغ المياه العالقة بفمه وهو يغلق الباب من خلفه ويقترب منها بنظراتٍ محتقنة، جذب الملاءة ثم صعد فوق الفراش ليلفها حول النجفة الصغيرة المعلقة بسقف الغرفة، بلعت ريقها بتوتر وهي تشير لها بيدها:
_أوعى هتعمل أيه!... متقتلنيش يخربيتك مش جاهزة الوقتي نفسي أغير البامبرز للواد وأزعقله كدا زي الأمهات أحنا لسه مدخلناش مرحلة العمالق...
لف الملاءة حول عنقه وهو يشير لها ببسمة واسعة:
_ادخليها انتي لوحدك انا خلاص إخترت المرحلة اللي هدخلها عشان أرتاح منك ومن عمايلك السودة..
وألقى بالجزء الاخر من الملاءة بالاتجاه الأخر وهو يحاول شنق ذاته، فزعت للغاية فأسرعت اليه وهي تسأله بصدمة:
_يخربيتك هتعمل ايه يالا!... عيب يا حبيبي دا أنت دكتور محترم وليك اسمك..
قال وهو يدعي بأنه سيلقي ذاته من على الفراش:
_هو انتي خليتي فيها احترام، بتبلغي عني يا اسراء!! ، أنا هموت وأرتاح منك خالص، أنا غلطت، غلطت ولازم اتحاسب على الغلطة دي أنا اتجوزت، اتجوزت يا ناااس بس الجواز غلطة وأنا معرفش، الولادة غلطة وانا برضو معرفش، الله اعلم الجاي ايه يبقى أتوكل على الله بكرامتي ومن اولها..
تشبثت بقدميه وهي تنتحب قائلة:
_هتسيبني وتروح فين يا غالي دانت قلبي ياض وكتاب الله..
صعق حينما وجدها توشك على قذفه من على الفراش فربما سيلقى حتفه على الأكيد، دفعها بقدمه الأخرى وهو يصرخ بها:
_سيبني يخربيتك هموت بجد أوعي...
تمسكت بقدمه أكثر وهي تردد بوعيل:
_دا أنت الحتة اللي في الشمال وعهد الله انت بس اللي بتضايقني بافعالك وكلامك..
فزع مما يحدث وهو يركلها بقوة لتتركه قائلاً بغضب:
_حلي عني يا بوز الاخس همووووت بجد الله يلعن اليوم الي شوفتك فيه على القلب اللي حبك في يوم..
تمسكت بقدميه بقوة حتى صار على حافة الفراش وهي تقول:
_حرااااام تسبني وأنا لسه صغيرة كدا استنى اما نكبر مع بعض وبعدين أبقى انتحر....
سقط عن الفراش كلياًّ فتعلق بالنجفة وهو يلقي مصرعه، فزع مما يحدث فقد كان يتصنع الأمر وقد حققته له تلك الحمقاء فأصبح ينازع للحياة، اختنق تنفسه وهو يركل بقدميه يساراً ويميناً حتى أصابها فدفعته بغضب وهي تصرخ به:
_بقى بتضربني عشان بحاول أنقذك!...
وقفت على الارض بصعوبة وهي تجذب قدميه فزادت من اختناقه، تحاول سحب رقبته من الحبل وكأنه دمية تمتلك رأس صغير وستنفلت من الحبل، جذبها لقدميه جعل النجفة الصغيرة المعلقة تفقد ثباتها فأقتلعت من جذورها لتسقط ارضاً مصطحبة عنان بين احضانها فسقطوا سوياً فوقها، صرخت بفزع وهي تقذفه بعيداً عنها ففتحت الباب وهي تهرول للخارج لتقف بمنتصف المركز وهو تصرخ بقول:
_عنـــــــــــــــــــان مـــــــــــــات يا نــــــــــاس الدكتور المحترم قتل نفسه وانتحر عشان مش قادر يعيش من غير مراته، الدكتور مــــــــــــــــــات..
ثم تطلعت للنساء الجالسات أمام غرفة الكشف فقالت ببكاء:
_قاعدة ليه يا ست منك ليها ما قولنا الدكتور مات قوموا روحوا..
تبلد لسانها حينما تحرر شيئاً حاد ليخترق رقبتها، ولكن ترى هل سيتمكن من تبديد الجنون المتزايد بداخل عقلها!!...
ترقبوا القادم...
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون..
#بقلم_ملكة_الابداع..
#آية_محمد_رفعت..
********___________***********
#دكتور_النسا_وحرمه_المصون...
#الفصل_الخامس....(والأخير....)....
فقدت الوعي على الفور حينما اخترق المحقن رقبتها، تمايلت على الجسد الذي يقف من خلفها فحملها سربعاً ثم توجه لغرفتها القابعة بنهاية الرواق الطويل، وضعها "عنان" على الفراش وهو يتطلع لها ببسمةٍ فرح وانتصار، ثم خرج ليستكمل عمله براحةٍ تامة بعدما حرص على اسكتها مؤقتاً فيكفي ما فعلته أمام الممرضات وباقي اطباء المركز، وبعد دقائق مبسطة بدأت باستعادة وعيها الشبه مفقود، فكانت عينيها متيقظة ولكن بجسد ولسان معقود، تستطيع رؤية ما بقابلها ولكنها لا تستطيع الحديث أو الحركة، سُلطت عيناها على باب الغرفة حينما ولج منه "عنان" يتطلع لها بغرورٍ وصفاء ذات غامض، ليقترب من الفراش الصغير المجاور لها، فحمل الصغير ومازال الهلع يسكن حدقتيها المجنونة، فبذلت مجهود كبير لتحرك رأسها يميناً ويساراً بصعوبة كأعتراض صريح على محاولته لخطف ابنها كما تعتقد، تجاهلها عنان ثم طبع قبلة صغيرة على جبينه وهو يبتسم بجانب وسامته المشرق، ثم جلس على المقعد المقابل لها، ليردد تكبيرات متتالية بصوتٍ خافت جوار أذن الصغير، ثم طبع قبلاته الحنونة على ملمس بشرته الناعمة، اخراس لسانها عن طريق العقار منحها فرصة ولو كانت ضيئلة للغاية لرؤية ما يخفيه عنان من مشاعر الأبوة العظيمة، لا تعلم لما انتاب وجهها بسمة صغيرة وهي تتابعه بتركيزٍ، غفل الصغير بين يديه فأعاده بحرصٍ شديد لفراشه ثم جلس على المقعد الموضع بمنتصف كلاً منهما، حانت منه نظرة صغيرة تجاهها فشعر بالانتشاء للهدوء الذي غمر الغرفة بسبب خطته المعهودة، وضع يديه خلف رقبته ثم أطلق صفيراً متبختر ليختمه بقول:
_مفيش حاجة أعظم من الهدوء في الحياة...
احتدت نظراتها تجاهه فاستكمل قائلاً:
_يعني الانسان بطبعه كائن لذيذ بيحب الراحة والراحة مش بتيجي غير بالشعور بالاسترخاء
. ثم تطلع لها قائلاً:
_طبعاً انتي مستغربة المصطلحات الغريبة دي لانك للأسف لا تمتلكيها، هتمتلكيها ازاي وانتي متعرفيش غير الفوضى والرغي!....
اصطبغ وجه اسراء باللون الاحمر القاتم وهي تتلوى بغضبٍ، تود لو ان تصرخ بوجهه وتدافع عن ذاتها مستخدمة لسانها السليط الذي يعد من أهم اسلحتها الفتاكة، ولكنها مجبرة على الاستماع لما يقوله بصمت شرس، خلع "عنان" البلطو الطبي الذي يرتديه ثم تمدد على الاريكة ومازال يصدر صوت الصفير المترنح بفرحة وغرور، تمدد وهو يفرد جسده بغرور ليشير لها بغيظٍ:
_أخيراً هقدر انام من غير أي اصوات ولا انفعالات وتصرفات جنونية...
وسريعاً ما انقطع الصوت عنه حينما زاره نوماً هنيئاً بعد قضاء يومٍ متكرر شاق، لانت ملامحها وهي تراقبه باهتمامٍ، نظرات الحب تتربع بين حدقتيها، تأملت استرخاء جسده وغفلته بنومٍ عميق من فرط المجهود المبذول بحزنٍ أزداد حينما فُتح باب الغرفة لتقترب الممرضة منه سريعاً لتخبره بأنفاسٍ متقطّعة من أثر الركض:
_دكتور عنان، دكتور "عنان"!...
فتح عينيه بأرهاقٍ وهو يجاهد للاستيقاظ:
_أيوه...
أسرعت الممرضة بالحديث:
_في مريضة بره حالتها صعبة يا دكتور وباين انها بتسقط...
استند على جذعيه ليفرك عينيه بنومٍ:
_الدكتورة حياة مش بره؟
أجابته الممرضة بنفي:
_لا يا دكتور مفيش حد بالمركز..
نهض عن محله وهو يجاهد للوقوف بشكلٍ ثابت فقال بهدوءٍ:
_طيب دخليها وانا جاي..
أومأت برأسها بخفةٍ ثم اسرعت بالخروج، اقترب" عنان" من الفراش ليتطلع لها ببسمةٍ صغيرة مردداً بخبث:
_اقعدي انتي كدا تعايشي معاني الهدوء وصفاء النفس بتركيز يمكن تقنعي نفسك أن صوتك مزعج...
احتدت نظراتها تجاهه فتعالت ضحكاته على رؤيتها هكذا فقال بلطفٍ وهو يمسد بيديه على رأسها برفقٍ:
_هرجعلك تاني...
وخرج من الغرفةٍ ليتركها بمفردها، نظراتها تلاحقه ببسمة صغيرة، ساعات قليلة قضتها "إسراء" بتذكر ما مر بحياتها، تذكرت كم كانت تثور وتغضب حينما كانت تجرى مكالمات متعددة ولم يأتيها الرد منه فكانت تظن بأنه يتجاهلها عمداً، اما الان فهى ترى بعينيها إنشغاله التام كونه طبيب، فتح الباب من جديد ليطل عنان من خلفه فاقترب منها قائلاً بابتسامة مريحة:
_المحلول يخلص وهنرجع البيت على طول..
تحرر لسانها رويداً رويداً فقالت بثقل كلماتها:
_ما احنا قاعدين...
رمقها بنظرة مطولة فقال عابثاً بعد ان انتهى مفعول الدواء:
_أه اسيبك هنا عشان تحصل كارثة جديدة ده أنا حاسس اني خسرت نص الحالات بسببك...
ابتسمت قائلة بمكرٍ:
_حد بيكره الراحة يا عم!...
أزال المحلول من وريدها ثم أمسك بمعصمها قائلاً:
_حاولي تقفي كده..
أغلقت عينيها بألمٍ وهي تجاهد للوقوف، فبالرغم من أن ولادتها كانت بدون الم ولكنها تشعر بألم بسيط محتمل، أمسك بها عنان جيداً ثم تحرك بجوارها برفقٍ حتى هبط معاها للسيارة، فتح الباب الخلفي ثم عاونها على الصعود، ليلتقط طفله الرضيع من الممرضة فناولها اياه، احتضنته اسراء بحبٍ ثم راقبته باهتمام، صعد لمقعد القيادة ليتحرك بسيارته تجاه المنزل فقالت بخبث وهي تتدعي بأنها تخاطب الرضيع:
_شوفت ابوك وبخله، مستحملش يقعدنا يومين تلاته نغير جو...
استدار برأسه تجاهها ليجيبها ساخراً:
_لا حقيقي أنا آسف اني حرمتك من قعدة الفندق الفايف استار دا لا اسف بجد..
كبتت ضحكاتها وهي تجيبه بمشاكسة:
_لا يا حبيبي انت خوفت اقفشك مع اللي ما تتسمى حياة..
اشار بيديه بعدم تصديق:
_تاني يا اسراء تاني...
ثم تطلع للطريق من امامه محاولاً السيطرة على أعصابه وهو يردد بصوتٍ خافت:
_أقلب العربية بيها وأموت معاها ولا أعمل ايه بس.....
حمد الله كثيراً حينما وصل للمنزل في دقائق معدودة فحملها بين ذراعيه برفقٍ بعدما التقطت والدتها الطفل من بين يدها، صعد بها لغرفتهما العلوية،فوضعها برفق على الفراش ثم كاد بالخروج فصرخت به بغضب:
_رايح فين؟..
جز على أسنانه بغيظ فرسم بسمة مصطنعة وهو يجيبها:
_هريح شوية في اي مكان بالبيت دا لو معندكيش اي مانع..
اشارت له بعدم مبالاة:
_لأ، بس متروحش بعيد لو سمحت يمكن احتاج حاجة وأنت عارف اني بتحرج...
خرج مسرعاً قبل أن يفقد زمام اموره فربما يقتلها او يقتل ذاته...
*******************
مرت عدة أيام استردت بهما عافيتها فأصبح الطفل مسؤليتها، وخاصة بعد مغادرة والدتها، وضعت اسراء الصغير على الفراش ثم ايتلقت جواره لتغلق الضوء سريعاً، وفجأة على صوت صراخها العاصف فاستيقظ "عنان" على الفور وهو يردد بنومٍ:
_مين فين؟...
فتح الضوء المجاور للفراش ثم تطلع لجواره ليجدها مختبئة خلف الخزانة وهو تغطي انفها بأصابعها، تساءل باستغراب:
_في ايه؟..
اشارت بيدها على الصغير:
_الحيوان ابنك عملها..
رفع حاجبيه بعدم فهم:
_عمل ايه؟..
صرخت بوجهه بانفعال:
_عملها يعني عمل زي الناس يا دكتور...
كبت غضبه وهو يشير لها بانفعال:
_ما ياخد راحته زعلانه ليه، انتي تقومي بواجبك وانتي ساكتة...
قالت بانفعال
_ويا ترى ايه هو الواجب دا!..
أجابها بذهولٍ:
_تغير البامبرز يعنيا....
تعالت ضحكاتها الساخرة:
_دا مين دا اللي هتغيرله انت بتتكلم جد ولا بتهزر؟...
تطلع لها بدهشة:
_ههزر معاكي ليه امال متوقعة مين اللي يغيرله انا!..
صرخت بوجهه بعصبية:
_انت مش محترم ازاي عايزة واحدة بنت محترمة ومتربية تغير لولد البامبرز ازاي تقبلها عليا!...
كاد بأن يصيبه شلل نصفي فردد بصوته الهزيل:
_منك لله، فوضت امري لله فوضت امري لله...
وحمل عنان الصغير ثم توجه لحمام الغرفة ليبدل له الحفاض اما هي فجلست على الفراش وهي تحدجه بنظرات انتصار كونه يشارك بأهم خطوة بتربية الاطفال...
*************
عامٍ يليه الاخر حتى أتى اليوم الحاسم لما يعانيه عنان، الطبيب الذي يختبر ما يحدث بعد الولادة، فربما ما رأه جعله يختتم الامر ويود لو أن يعانق كل أب بائس تسيطر عليه زوجته ويحدث به ما يحدث له، تحولت ملامح وجهه للعبوس وهو يتفقد نتائج الاختبار الذي اجراه لزوجته بعد مدة من التعب والارهاق فردد بصوتٍ يكاد يكون مسموع:
_مش معقول انتي حامل!..
لكمته بيدها على صدره وهي تصيح بغضب:
_ومش معقول ليه ياخويا متجوزة رجل كنبة...
دفعها عنان بضيق وهو يردد بخوف:
_يا ريت ياحتي افضل من الفضايح اللي هتحصلي بالمركز المرادي بسببك..
وعادت امامه ذكريات من شبح الماضي لهيبته التي اهتزت عمامتها على يدها، فجذبها من تلباب البيجامة الكرتونية التي ترتديها ليرفع صوته بتحذير:
_اسمعي اما اقولك اللي حصل من اربع سنين دا لو اتكرر ورحمة ابويا لاقتلك وقتي واهو يبقى احسن من العار اللي هيحصلي في مركزي..
ذهبت وعادت يميناً ويساراً انصياعاً لهزاته العنيفة فقالت:
_انت متشائم ليه يا عم ابتسم للحياة..
تعالى صوته الحاد:
_هو انتي خليتي فيها حياة، مهو لما يكون أنا اللي بأكل وأشرب وأغير البامبرز يبقى فين البسمة..
اشارت له بضحكة خليعة:
_مش ابنك دا ولا واخده كادو من واحدة ولدتها!...
لكمها بغيظٍ:
_ده انا اللي هطلعك كادو من الدنيا كلها...
دفعته بحدة:
_طيب مش تصبر يمكن تطلع بت وتبقى وردية سودة على دماغي...وبعدين ده انت المفروض تفرح انك هتولدني بنفسك..
تعالت ضحكاته المخيفة وهو يصيح بغضب:
_ده عند ام اعتماد ولادة مبولدش هتفضلي هنا لحد ما امر الله ينفذ وتولدي لوحدك ولو ازمت اوي هجبلك الداية ام حسن تشوف شغلها معاكي...
ربعت يدها في منتصف خصرها:
_داية مين، ايه جو التسعينات دا لا يا حبيبي ميبقاش جوزي عنده مركز ولادة اد الدنيا واولد عند الداية وبعدين انت مش عايزني اروح المركز ليه شكلك مشيت حياة وجبت بنتها ولا تلاقيها صبغت شعرها كروهات ولبست لبس حفيدتها وبتتمرقع عليك عشان تحيي الذي مضى..
القى بحقيبته السوداء أرضاً قائلاً بعصبية بالغة:
_وادي عدة الشغل، مفيش دكتور بعد كدا وابقي شوفي مين هيصرف عليا وعليكي..
وتركها وولج لغرفته فوقفت تتطلع للفراغ وهي تردد بشرود:
_هو زعل ولا ايه؟..
ولحقت به قائلة ببسمة ماكرة:.
_اسمع بس يا عنونة ده انا مش هسببلك اي مشكلة خلاص انا عقلت كفايا سيبني استجم التسع شهور دول وفي العاشر نتعاتب ونتكلم في المركز..
رفع الغطاء عن وجهه وهو يجيبها ساخراً:
_ده لو حد رضى يولدك او يدخلك باب المركز من الاساس نسيتي اللي عملتيه فيهم ولا اللي عملتيه مع دكتور البنج. اللي قضى ليلة كاملة في الحبس بسببك مع المجرمين .
اجابته بتذكر:
_عبده!، هو اللي قل ادبه ويستاهل اللي جراله وبعدين ده انا قدمتله خدمة العمر، اصل الراجل ده كان خرع كدا والليلة دي بعمره كله هتلاقي قلبه استوحش وبقى وحش..
تطلع لها بعدم تصديق ثم همس بصعوبة:
_اطلعي بره يا اسراء بدل ما اخبطك خبطة اسقطك واخلص الليلة قبل ما تبتدي..
وضعت يدها على جنينها ثم تطلعت له لترفع ذراعيها بالهواء:.
_يالهووووووي جوزززي عايز يساقطني انجدوني يا خلق...
وفتحت النوافذ وهي تنادي بصوتها:
_يام اسماعيل الحقيني ياختي الراجل عايز يسقطني يا طنط منال اتصلي بماما وبلغيها وقوليلها تقول لحماتي..
كمم فمها وابعدها عن النافذة ليتمتم بغضب:
_الله يخربيتك اسقطك ايه انا دكتور محترم..
دفعته بعيداً عنها ثم قالت باندفاع:
_قول لنفسك ده انت محسسني انك ماشي معايا ده انا مراتك ياض ام ابنك حبيبك وابنك اللي في بطني ان شاء الله يجي ولد وتلبس الليلة برضو اقصد بت وتخفف عنك المسؤليات الكتيرة...
وتمايلت برأسها على صدره، فكور يديه وكاد بان يلطمها على وجهها ولكنه تحكم بذاته خشية من ان تعود لوصلة الردح والنواح مجدداً فهمس بصوته الخافت:
_حسبي الله ونعم الوكيل في كل زوجة ظالمة....
اجابته بشماتة:
_وفي كل زوج بيخلع من مسؤولياته يا عنونة بس برضو مهما تعمل وتخون وتولد ستات غيري بحبك برضك...
تعالت ضحكاته بعدم تصديق فقال وهو يحتضنها:
_مجنونة بس بحبك....
دكتور_النسا_وحرمه_المصون....
تمت
******_______******_____*****